حث أهل البيت عليهم السلام العلماء
على تربية الشيعة للتمهيد للإمام المهدي(عج)
عادل عبد النبي عبد الله
مقدمة
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه سيدنا المصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين لا سيما بقية الله في الارضين واللعن الدائم على أعدائهم أعداء الله أجمعين.
ورد عن الامام المعصوم عليه السلام:
(لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم من العلماء الداعين إليه والدالين عليه والذابين عن دينه بحجج الله والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته ومن فخاخ النواصب لما بقي احد إلا ارتد عن دين الله، ولكنهم الذين يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك صاحب السفينة سكانها أولئك هم الأفضلون عند الله عز وجل...).
في الحديث الشريف بيان واضح إلى أهمية العلماء المربين من ذوي المواصفات التربوية الخاصة في زمن الغيبة لمنع الارتداد عن دين الله تعالى القويم والانحراف عنه بسبب غيبة حجة الله في أرضه الولي الأعظم عليه السلام.
وقد وصف الإمام عليه السلام اؤلئك القادة التربويين، بربان السفينة؛ اذ يمسكون أزمة قلوب ضعفاء الشيعة كما يمسك الربان بسكان السفينة يوجهها في لجج البحار الغامرة إلى شاطئ السلام، وليس إلى ذلك من سبيل أفضل من التربية على حب آل محمد عليهم السلام والسير بسيرتهم والاهتداء بهديهم وقد مدح الإمام عليه السلام هؤلاء الممسكين بقلوب ضعفاء الشيعة حين وصفهم بالأفضلين.. فهم:
1. داعون إليه. فكيف ندعو إليه؟! وهل يتم ذلك إلا من خلال التربية في منهج مدروس مستنبط من خلال الثقلين العاصمين من الضلال الذين اوصى بهما باني الشريعة حين قال صلى الله عليه وآله وسلم: (تركت فيكم الثقلين ما ان تمسكتم بها فلن تضلوا بعدي، كتاب الله وعترتي اهل بيتي وقد نبأني السميع العليم انهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)؟
2. دالون عليه. فكيف ندل عليه؟ وهل الى ذلك سبيل غير التربية بسبيل الله تعالى في الاستقامة والدعاء له تعالى بالتوفيق الى الصراط المستقيم لمعرفة حجته:(اللهم عرفني نفسك، فانك ان لم تعرفني نفسك لم اعرف رسولك، اللهم عرفني رسولك، فانك ان لم تعرفني رسولك لم اعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك فانك ان لم تعرني حجتك ضللت عن ديني).
3. ذابون عن دينه بحجج الله تعالى. وانى لنا ان نذب عن دينه دين الله تعالى دون ان نربى على الإمساك بحجج الله وهم عليهم السلام حجج الله، وكيف يتسنى لنا صدق الامساك والتمسك بهم صلوات الله عليهم؟
4. المنقذين لعباد الله الضعفاء من شباك ابليس ومردته، ومن فخاخ النواصب لاحظ إشارة الإمام الرضا عليه السلام الى من سمـاهم العلماء الداعين اليه والدالين عليه والذابين عنه باعتباره القادة التربويين والدعاة الى منهجه والدالين على وجوده الهادي المبشرين بخروجه الممهدين لحكومته باعتباره الحجة التي لا تخلو الارض منها ومثل ماهي اشارة لمعاني قيادة العلماء وصفاتهم التي تجمع كل معاني التربية تاهيلا الى قيادة الشيعة في مقابل المشاكل والاضطرابات والأعداء حيث شبههم الإمام عليه السلام بربان السفينة، ورد عن الصادق(عليه السلام): إن لشيعتنا بولايتنا عصمة لو سلكوا بها في لجج البحار الغامرة وسباسب البيداء الغائرة بين سباع وذئاب وأعادي الجن والإنس لآمنوا من مخاوفهم بولايتهم لنا، فثق بالله عز وجل وأخلص في الولاء لائمتك الطاهرين.
وقد حصر الامام عليه السلام المنهج التربوي في التمهيد والإعداد لظهور الامام المهدي المنتظر بما يلي كما يظهر من حديث سيدنا الامام عليه السلام:
1. خص واحدة من مهام الربان القائد لتربية الممهدين بالعلماء الداعين اليه والدالين عليه بما يملكون من قدرة العلم وسلطان الاسلوب الدامغ، فهم متمرسون في ادارة الحوار التربوي ولنا في اسلوب ائمتنا منهج رائع وبديع لابد منه في تربية النشئ به وعليه تمهيدا للظهور البهي، فنحن نرى الاغلب من الناس لايفلتون اليوم من شباك ابليس الذي اخذ يقتحم البوت من خلال وسائل الاتصال المتطورة وهو ينتزع ابناءنا وبناتنا منا وكأن الامام عليه السلام يستشرف حالنا ويدقق وصفها ويشير علينا بالعلاج التربوي الناجع فما هو العلاج الناجع؟
2. لا يكفي في القائد التربوي باكتساب العلم الممهد بمواصفات الدعوة ما لم يكن ممن يملك القدرة والقوة والأسلوب الميداني الناجع في انقاذ عباد الله الضعفاء والمستضعفين من شباك إبليس ومردته من المستكبرين وان يكون من مخلصي الشيعة من فخاخ النواصب ومن فخاخ مدعي المهدوية من فخاخ التفريط والافراط، إن إتباع الفقهاء الهادون من أهمّ سبل النجاة في زمن الفتن، والمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف فكما ان هناك دولا ذات قوة وسلطان تروج وتبني شباك ابليس، ودولا ذات غنى وسلطان تدعم النواصب، لابد بالمقابل ومن سنن الله تعالى في خلقه ان نجد في اعداد الامة وتربية النشئ دول ذات قدرة وسلطان تدعم توجهنا لتربية الناس اعدادا لدولة العدل الالهي ولا نيئسهم من رحمته جل وعلا.
فهل الى ذلك سبيل؟
في مضمون الإجابة على هذه الأسئلة يأتي بحثنا لائذا بالوسطية الإسلامية كأسلوب أنفع وأنجع في التربية إنشاء الله تعالى...
1- الأسلوب التربوي في الجهاد ضد شعار إبليس في العالم
في قول الإمام؛((لولا من يبقى بعد غيبة قائمكم من العلماء الداعين إليه والدالين عليه والذابين عن دينه بحجج الله والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته ومن فخاخ النواصب لما بقي احد إلا ارتد عن دين الله...)
ظاهر القصد؛ العلماء الذي لبسوا عدة الجهاد ليقودوا الأمة ضد أعداء الانسان والإنسانية الذين يحملون شعار إبليس الذي رفعه ضد آدم حين أمره الله تعالى بالسجود لآدم، وهو؛ (أنا خير منه).
والذي يدقق في أصل النظريات التي يعتمدها المستكبرون الذين يحكمون العالم اليوم يجد انها من سنخ ذلك الشعار الابليسي اللعين ضد الانسان والإنساني؛ (إنا خير منه)، وهم معرفون على طول وعرض التاريخ الإنساني، ولو العلماء الداعين الى إمام الزمان والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته كما يصفهم الإمام ومن فخاخ النواصب لأرتد الجميع عن دين الله..فمن التربية التعريف بمن وماهية اؤلئك العلماء وبمن وماهية أعداء الانسان والإنسانية الذين يرفعون شعار(أنا خير من آدم وبنيه).
قال الله تعالى في الغاية من خلق آدم عليه السلام كخليفة في الارض:
(إني جاعل في الأرض خليفة).
وأمر الملائكة بالسجود له (فسجد الملائكة كلهم أجمعون الا إبليس لم يكن من الساجدين).
والذي منع ابليس من السجود لآدم هو الكبر الذي ظهر يقول وتبريره انه خير منه. ولانع عصى خالقه العظيم باء باللعن والخروج من الجنة فكان عدوا لآدم وذريته.. قال تعالى يخاطب بني ادم: (انه عدو لكم فاتخذوه عدوا) وحصر الخلاص من شبك ابليس باتباع رسله عليهم السلام.. قال تعالى:
(يا بني ادم اما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) .
والعلماء الذين يقصدهم الإمام بالمخلصين من شباك إبليس؛ هم السالكين منهج الرسل عليهم السلام والمقصودين بخطاب الله تعالى في قوله تعالى:
((الم اعهد إليكم يا بني ادم ان لا تعبدوا الشيطان انه لكم عدو مبين) .
فمن أهم مهام التربية الممهدة للظهور هي إعداد الانسان لمهام رسالته على الأرض.
ومن اجل وعي هذا الفهم في التربية لابد من دراسة ظاهرة ارسال الرسل تترا الى الناس.
2- ظاهرة إرسال الرسل عليهم السلام ومهام التربية
تعتبر ظاهرة إرسال الرسل والأنبياء من أهم الظواهر في تاريخ الإنسانية بحيث لا يسع لأحد حتى ولو كان ملحدا أن يتنكر لها. وفي الانتروبولوجيا حيث تدرس الظواهر الإنسانية تهمل هذه الظاهرة على تواكدها وأهميتها ووضوحها؛ لا لسبب بل:
1. لأنها جوهر التأريخ، وصميم معنى الوجود الإنساني، ولأنها تعبير عن معاني رسالة الإنسان ومهام وجوده على سطح هذا الكوكب، ولأنها في مضامينها وتفاصيلها تحكي قصة الصراع الأزلي بين الخير الذي يمثله الرسل والأنبياء عليهم السلام، والشر الذي يمثله المترفون ومستغلي البشر من المستكبرين.
فعلى طول تاريخ البشرية كانت قصص الأنبياء والمرسلين عليهم السلام وسيرهم الذاتية؛ تحكي قصة الصراع الأزلي بين الأنبياء وهم يرفعون شعار بغض الظلم ومحاربة الظالمين وإشاعة الفضائل والقيم الراقية من جهة.. وبين المترفين والمستكبرين الذين يرفعون شعار: أنا خير منه؛ شعار إبليس من جهة أخرى.
2. لان الانتروبولوجيا التي هي كما يشاء البعض أن يعرّبها بالـ(انسنة)؛ أي دراسة الظواهر الإنسانية، وهو علم يوجه اليوم لصالح المترفين المستكبرين في العالم ولتوظف من قبل أصحاب رؤوس الأموال الكبار في العالم؛ في خدمة السياسات الغربية والصهيونية المعادية للبشر، وعليه فان جميع الظواهر التي تدرس اليوم في معاهد المستكبرين ليس تاريخية ولا حقيقية بل مفتعلة مثل ظاهرة الإرهاب، والدليل على ذلك أنهم أنفسهم يرفضون تعريف الإرهاب لتبقى هذه اللفظة مطاطة، ولتستمر هذه الظاهرة عائمة، كي يوجهونها إلى حيث يشاءون وضد من يشاءون ولتكون ذريعة لشن الحرب ضد من يشاءون بما يخدم مصالحهم، وحيث تتعزز سطوتهم.
ان الشعار الذي كان يرفعه الأنبياء وخلفاؤهم من العلماء والثلة القليلة المستضعفة التي تتبعهم ويكرسون أعمالهم في تجسيده هو: بغض الظالمين ومحاربة الظلم ونشر الفضائل وإشاعة القيم الإنسانية الراقية.
ولذا فان هوية كل تربوي إسلامي وشعاره يجب ان يتطابق مع أهل الخير في صراع القوى فيكون؛ هو نفس شعار الأنبياء والرسل، والعلماء خصوصا الذين هم امناء الرسل وخلفاء الانبياء وهو:محاربة الظلم وبغض الظالمين.
3- العلماء الذين يقصدهم الامام:
وهنا يمكن للعالم الرباني أمثال الإمام الخميني قدس سره ان يترك لنا رسالة في التربية من خلال سيرته الجهادية في رفع شعار أمريكا الشيطان الأكبر الذي يعتبر اليوم كرسالة له في التربية يجب ان تحتذي، اذا اعتبرنا ان بغض الشيطان وحزبه؛ تعبر وسيلة تعبير عن حقيقة ما يحيط بالإنسان وما يبدع به لتوصيل فكره إلى الآخرين فهو تربية أيضا حسب نظر الإسلام له.
فالتربية كل ما يستخدمه الانسان من وسائل تعبيرية قولا او فعلا او نشاطا يتجسد في واقع الناس وفي إعلانه عن حقيقته العقائدية في نصر المظلوم وإزهاق الباطل وكل ما ينطوي عليه فحواه للبشرية، بأنه ضد الظالم وفي سبيل محاربة الظلم ونشر الفضائل وشيوع القيم، فهو على سبيل امتداد الرسل عليهم السلام، بل وفي ذات الرسالة الكونية والمهام التي أرسلوا عليهم السلام من اجلها.. وحتما في ذات سبيل الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، ولأنه ذات سبيل الرسالات في إقامة العدل ومحاربة الظالمين. فمهمته عليه السلام ان يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
4- مهام التربية الإسلامية
وهنا نصل الى ان من أهم مهام التربوي في الاسلام الآن هو التمهيد للمنقذ المنتظر عليه السلام، وعلى هذا النهج لابد للتربوي الإسلامي من المعارف الأربعة التالية:
أولا؛ معرفة؛ من هم الظالمون؟ ليعرف عدوه في الجهاد، إذ التربية ضمن مهام الرسل عليهم السلام هو من أرقى أبواب الجهاد.
وثانيا؛ لابد من معرفة أي الاستراتجيات تناسب العقيدة الإسلامية باعتبارها عقيدة الكمال ومن ذاتها تنبثق الاستراتجيات؟ فليس للتنظير خارج الإسلام مساحة بل التمسك بالاجتهاد من خلال مصادر التشريع العاصمين؛ القران والمعصوم.
وثالثا؛ معرفة أي الأساليب والآليات هي المطلوبة شرعا في التمهيد للإمام المنقذ الذي يملأ الأرض عدلا؟
ورابعا؛ معرفة اي الأشخاص هم المؤهلين للقيام برفع شعار الأنبياء والإمام المهدي عليهم السلام في بغض الظلم ومحاربة الظالمين وتجسيده؟:
وهذه المعارف الأربعة الآنفة هي ما يجب بيانه في علم التربية الإسلامية.
أولا- من هم الظالمون الذين يجب بغضهم ومحاربتهم:
ان الظالمين الكبار في هذا العالم والذين هم سبب في كل مآسي الإنسانية ينضوون جمعيا تحت شعار إبليس وهو: انا خير منه. وكل من ينضوي تحت هذا الشعار فهو ظالم عدو للإنسان والإنسانية وقد وجدنا المنتظمون منهم في جبهات معادية علنا للإنسان وهم ثلاث أصناف:
1. الرجل الأبيض(الإنسان النوردي)( ) كما يسميه المؤرخ البريطاني الشهير (توينبي) او كما يسميه آخرون الرجل الأصهب، ولهذا التوجه تيار ضارب في التاريخ الأوربي (شرحنا تفاصيله في توالي البحث) وقد نالت البشرية من هذا الظالم الويلات بكل إشكالها وعشرات الملايين من الضحايا حتى من ذات الجنس، وما تجلى على مر التاريخ من تعسف استخفافا بكل معاني الإنسانية.
لذا فعلى التربويين و الفنانين الاسلامين من اجل التمهيد للظهور باعتباره مهمتم الأولى وفي بناء ووضع استراتجياتهم ان يجسدوا في أعمال تربوية وفنية تعريفية بكل المظالم التي قامت في التأريخ بسبب قيادة الجنس الأبيض للبشرية كما جرى في أوربا نفسها من ويلات وحروب بسبب نزعة(أنا خير منه)، وكما جرى في الأمريكتين أثناء الغزو الأوربي لهما، وإبادة السكان الأصليين واسترقاق الأفارقة وما رافق ذلك من عنصرية مقيتة، وما جرى في العالم ويجري اليوم من إرادة الغرب للتحكم في العالم. وقد اشرنا من خلال البحث الى تفاصيل ذلك.
2. شعب الله المختار : تجسد الحركة الصهيونية تمام معاني العنصرية من مبادئها التي تجسدت على الأرض دموية بالغة وحرقا وتشريدا على ارض فلسطين، فاليهود يعتقدون من كتبهم المقدسة؛ أنهم شعب الله المختار، وما كل الآخرين من دونهم الا عبيدا لهم، ويعتقدون ان دولة إسرائيل هي دولة هذا الشعب وليس لأحد غيرهم على تلك الأرض بل وكل الكرة الأرضية حق العيش كأسياد سواهم، وان كان له حق فهو من درجات أدنى بكثير من الشعب المختار.
وقد تجسد الظلم الذي برز ويبرز بفحوى هذه المبادئ وهذا الشعار بمآسي الشعب الفلسطيني التي لها أول وليس لها آخر.
هنا تكون مهمة التربية الإسلامية والفن الإسلامي والفنانين الإسلاميين ان يجسدوا هذا الظلم برسائلهم التربوية وبأفعالهم الفنية تعريفا بالظلم وتمهيد للظهور.. وفي البحث في تفاصيل ذلك الظلم والمظالم التي جرت في التاريخ وإظهارها للعالم، بعد ان نعرف بها جيلنا، لان التعريف بالعدو لله والإنسان هو جزء من هوية الإسلام، ولذا فهو اساس بالتربية.
3. التكفيريون النواصب: وهم مدعون للإسلام على مذهب منحرف ليس له بالإسلام صلة لا في الأصول ولا في الفروع ، لكنهم مع هذا - كما يتصورون- أنهم وحدهم في هذا العالم القابضون على الحقيقة وهم وحدهم الذين يمثلون الإسلام وهم خير من الآخرين تحت شعار ابليس (انا خير منه)، ولذا فان كل الآخرين كلهم كفار حتى ولو كانوا يشهدون الشهادتين.
هكذا برز هذا الفكر الصفيق ليجد له تحت تأثير الظلم الغربي وظلم شعب الله المختار ذريعة، وهو موجود ولا يزال يمارس القتل والتفجير، بل وحتى التمثيل المحرم على الكلب العقور ولصالح العدوين الآخرين للإنسان والإسلام.
على التربيةيين الإسلاميين تحرير رسائلهم التربيةية لمواجهة هذا الظلم وعلى الفنانين الإسلاميين والفن والإسلامي التعريف من خلال الفن بهذا العدو الاستراتجي للإنسان والإسلام ومهام الرسل تمهيدا للظهور.
وعلينا ان نبدأ أولا بإقامة مجلس عالمي للتربية والفنون الإسلامية. جوهره المنبر الحسيني ومحركوه المبلغون والقراء والخدام الحسينيون؛ نكتب مهامه ونظامه الداخلي وأهدافه واستراتجياته وآليات عمله، وليتولى بعدها هذا المجلس المفترض الإشراف على التربية الممهدة ويوجه التربية للتمهيد وان يكون التربيون والفنانون بمواصفات الممهدين الذين فصل الامام عليه السلام مؤهلاتهم في في قوله الذي بدأنا به البحث.
هذا جانب والجانب الثاني الذي وجه به اهل البيت شيعتهم في اشاعة التربية الممهدة؛ هو ان طلبو منهم التعريف باحاديثهم عليهم السلام:
5- استثمار الشعائر الحسينية لتربية التمهيد
اولا- شعار يا لثارات الحسين تمهيدا للظهور:
إذا رجعنا إلى النصوص والروايات المأثورة عن أئمة أهل البيت (ع) والتي ذكرت المواصفات التي لا بد أن تتوافر في الشخصية الإنسانية اللائقة بصحبة الإمام (عج) نجد أنها ركَّزت على الشروط والمواصفات التالية:
أولاً: الايمان، وهو الممارسة الفعلية للعقيدة وهو درجة رفيعة لا تنال إلاَّ بالالتزام بكل ما أمر الله به والابتعاد عن كل ما نهى الله عنه.
ثانياً: الإحاطة بالإسلام في بعده الموضوعي المعرفي ضمن معياري الثقلين العاصمين من الضلال الكتاب والعترة، وتنقية عقيدة التوحيد ووعيها وتجسيدها فعلا وقولا وحتى صمتا، فقد سأل رسول الله (ص): ما رأس العلم، قال: معرفة الله حق معرفته، فقيل: وما حق معرفته؟ قال: أن تعرفه بلا مثل ولا شبيه، وتعرفه إلهاً واحداً خالقاً قادراً أولاً واخراً وظاهراً وباطناً، لا كفو له، ولا مثل له، فذاك معرفة الله حق معرفته".
وقد علمنا من كتاب الله تعالى في سالف البحث ان التوحيد لا يكتمل إلا ببغض الظلم وإعلان عداوة الظالمين.
فإذن؛ من الضروري أن تكون معرفة الله بهذا المعنى، متوافرة في شخصية من يريد أن يكون من أصحابه (عج) وأنصاره والممهدين لدولته، لأنهم يجسدون شخصية المسلم الممهد المنتظر للإمام (عج) في مجتمعاته، لأنه يؤدي معاني شعار بالثارات الحسين عليه السلام الذي استشهد في سبيل التوحيد عقيدة الأمة ضد الظلم وبغضا للظالمين.
ثالثاً: الشجاعة والاستعداد للتضحية، فقد ورد في الحديث: "ويلقي الله محبته لإمام الزمان(عج)(في صدور الناس فيسير مع قوم أسد بالنهار، رهبان بالليل".
وفي حديث آخر: "يخرج إليه الأبدال أي الصالحين من الشام، وعصب أهل المشرق، وإن قلوبهم زبر الحديد، رهبان الليل ليوث النهار".
وفي حديث ثالث:
هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذٍ....
رابعاً: الارتباط بالإمام والانقياد له وطلب الشهادة في سبيل الله تعالى بين يديه: فقد ورد في حديث جامع عن مواصفات أنصار الإمام (عج) عن الإمام الصادق (ع) قال:
رجال كأن قلوبهم زبر الحديد، لا يشوبها شك في ذات الله، أشد من الجمر، لو حملوا على الجبال لأزالوها، لا يقصدون براية بلدة إلا خربوها، يتمسحون بسرج الإمام (عج) يطلبون بذلك البركة، ويحفون به، يقونه بأنفسهم في الحروب ويكفونه ما يريد، فيهم رجال لا ينامون الليل، لهم دوي في صلاتهم كدوي النحل، يبيتون قياماً على أطرافهم ويصبحون على خيولهم، رهبان بالليل ليوث بالنهار.
هم أطوع له من الأمة لسيدها، كالمصابيح، كأن قلوبهم القناديل، وهم من خشية الله مشفقون، يدعون بالشهادة، ويتمنون أن يقتلوا في سبيل الله. شعارهم: يا لثارات الحسين(ع) إذا ساروا سار الرعب أمامهم مسيرة شهر. بهم ينصر الله إمام الحق".
وهناك مراسم وشعائر أوجدها الإسلام في زيارات الأربعين الراجلة وزيارات النصف من شعبان.. فعلى الحكومة الممهدة ان تعد المجتمع ليشارك بالملايين ينادون بالثارات الحسين من افصى الأرض إلى أقصاها.
واذا كان قد سار أربعة عشر مليونا في العام الحالي، فللمهدين أن يشجعوا ويرعوا خمسين مليونا من كل أقطار الأرض كلهم ينادون للتوحيد وبغض الظلم ولعن الظالمين من خلال شعار يا لثارات الحسين.
ان في ذلك تظاهرة كونية تدعو للتمهيد في غايته.. وان علم الانتروبولوجيا الذي يوظف في الغرب وفي أمريكا لصالح نظرية نهاية التاريخ لفوكويا ونظرية تصادم الحضارات لصموئيل هنتنتغون، مبنية على الزيف وعلى العنصرية وتفضيل العرق الأبيض، ونحن اذ نبني علم الإنسان إنما نبنيه ونمجده حيث هو الخليفة في الأرض حيث هو الإنسان الكامل المرتقب الذي ينتظره البشرية ليملء الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، علم الأنثروبولوجيا...(علم الإنسان)، هذا الكائن..الذى دائما هو مصدر التساؤلات...و الدراسات...و التكهنات عن أصوله و جذوره.. و الذى خصه الله تعالى بسورة باسمه ألا وهى "سورة الإنسان، و الذى انزل الله سبحانه و تعالى فيه كثير من الآيات تحمل كثير و كثير من الصفات...و أنزل له أيضا كتابه الكريم ليخلق منه الإنسان الكامل و حمل الأمانة التى رفضت السماوات و الأرض حملها... قال تعالى:
(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) .
هذا الإنسان..كان دائما و لا يزال موضع تأمل و دراسة،من قبل كثير من العلوم الطبيعية و الإنسانية على حد سواء.
فقد انتبه الإنسان الى الفروق القائمة بين الجنس البشرى...،فشده هذا لمعرفة الطبيعة البشرية،و قاده الى دراسة و تفسير الاختلافات فى الملامح الجسمية،و لون البشرة و العادات و التقاليد،و الديانات و الفنون و غير ذلك من مظاهر الحياة.
و من هنا تبلورت فكرة نشأة فرع جديد من فروع المعرفة اصطلح على تسميته "الأنثروبولوجيا".
نحن نصف الخصائص الإنسانية،و البيولوجية،و الثقافية المحلية،كأنساق مترابطة و متغيرة،و ذلك عن طريق نماذج و مقاييس و مناهج متطورة.كما نهتم بوصف و تحليل النظم الاجتماعية و التكنولوجيا،و نعنى أيضا ببحث الآدراك العقلي للإنسان، و ابتكاراته و معتقداته ووسائل اتصاله. و بصفة عامة،فالآنثروبولوجيون يسعون لربط و تفسير نتائج دراسات الظواهر الإنسانية في إطار العقائد والنظريات العقائدية لخدمة إغراض وأهداف تلك العقائد والنظريات، ولذا فالقراءات الفاسدة تترتب او تنتج عن العقائد والنظريات الفاسدة.. وهذا ما نلمسه اليوم، فحتى المسلمون الذين تثقفوا بالثقافة الغربية يدعون الى اللبرالية في الإسلام، وهناك حسن حنفي وعبد الكريم سيروش أمثلة حية اليوم.
ثانيا- دراسة ظاهرة حب الحسين(عليه السلام) وسيلة للتوحيد الخالص:
لاشك إن الحسين بن علي ابن أبي طالب(عليه السلام)، هو سبط الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله)، وريحانته وشمامته وروحه التي بين جنبيه، ولم يبق احد ممن عاصر الرسول(صلى الله عليه وآله) عاش معه في المدينة، إلا وسمع الرسول(صلى الله عليه وآله) يحدث الناس ويعلمهم منزلة الحسين(عليه السلام) ومجده، وفضله في الأرض والسماء، ومن تلك الأحاديث، الحديث المتواتر التالي:
حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا... ؛
وفي هذا الحديث شهادة واضحة لتمازج معنى النبوة المحمدية بمعاني الإمامة التي يمثل الحسين نموذجها، فهما شيء واحد، وهي إشارة مقصودة لما ستؤول إليه الأمور، وما سينهض به الحسين من أعباء النبوة ومهامها متجسدا فيما سيحدث للحسين(عليه السلام)، فيكون بذلك محمد بامتداد الحسين عليه السلام. مثلما هو الحسين امتداد طبيعي لجده النبي(صلوات الله عليهما وآلهما)
ومن المؤكد أن كبار الصحابة والرعيل الارقى لمعاني صحبة الرسول(صلى الله عليه وآله). من أمثال؛ حمزة ابن عبد المطلب، وجعفر الطيار، و أبو ذر وسلمان المحمدي والمقداد بن الأسود الكندي وعمار بن ياسر... كانوا يعلمون معاني تلك الإشارات، وكانوا يجدون في حب الحسين علامة لسلامة الدين مع انه كان طفلا آنذاك.
فمنذ الصدر الأول للإسلام كان التميز بحب الحسين عليه السلام ميزة الخاصة من المؤمنين، وهكذا شاء الله تعالى، فقد اعلم رسول الله(صلى الله عليه وآله) بشواهد واضحة حبا خاصا للحسين ليري الأمة، إنها ليس مجرد عاطفة الجد للحفيد، بل إن هناك دين يتقوم بهذا الحب.
وان حب الحسين عليه السلام هو معيار صدق الأيمان، لأنه وصية رسول الإسلام: أحب الله من أحب حسينا، فحبه حب لله ورسوله.. ومن يتبع وصية الرسول بحب الحسين إنما؛ هو حب الله تعالى حيث قال تعالى:
(قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ * إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) .
وان نفاذ وصية الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) في النفس الإنسانية بحب الحسين، دليل محبة الله ورضاه، ينعكس ويتجسد في رقة تلك النفس، نستطيع أن يتبين في زفراتها حسرة على الحسين عليه السلام وبغضا للظالمين، ومن صدر محب وعين متطلعة لرضا الله سبحانه، تفيض من الدمع حزنا.
وان عدم نفاذ وصية الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، في النفس الإنسانية للفرد، سيتبين في صنف الناس من كل جلف جاف صلف، يظهر في سلوكه واضحا؛ دليل سخط الله تعالى، ينعكس في غلظة النفس وفي ضيقها من ذكر المظلوم الحسين عليه السلام، وربما في سخريته من مشاعر المسلمين المتعاطفة مع مصيبة الحسين عليه السلام.
والمخلص في تعبده يدعو الله تعالى: اللهم أعوذ بك من قلب لا يخشع ومن عين لا تدمع ومن نفس لا تشبع ومن علم لا ينفع ومن صلوات لا ترفع ومن دعاء لا يسمع.
وان الذي نقصده واضح في أمثال الذي يرى في نفاذ وصايا الحبيب محمد (صلى الله عليه وآله)، في حب الحسين عليه السلام ووصايا الله تعالى في مودة القربى من آل محمد، وذوبان القلوب بالحزن على مصائبهم وامتلاء الصدور بحبهم، وفيض العيون لمظلوميتهم(عليهم السلام)؛ يرى في ذلك بدعة، هو المثال السيئ للإسلام المنحرف عن الفطرة، حيث يرى المنكر معروفا والمعروف منكرا، وذلك ما كان يحذر منه الرسول صلى الله عليه وآله، في آخر الزمان، فأمثال الذين يرون في البكاء على الحسين عليه السلام بدعة، ويضعون أنفسهم قادة للإسلام و في قمة الهرم في الدعوة للدين، ومحاربة البدع والمنكر والأمر بالمعروف. هم الذين حذّر الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله منهم في آخر الزمان.
الاصل التربوي في مظلومية الحسين عليه السلام
جبل الإنسان على المحبة والعاطفة، وقد شوهد النبي صلى الله عليه وآله، يبكي كلما يرق قلبه لحال يعرض له ولم يرى ارفق منه وارق منه، وبكى يعقوب عليه السلام على ابنه يوسف حتى ابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم، وامتدح الله البكائيين الأواهين من الأنبياء والصالحين، وان الذي لا يملك العاطفة اتجاه من يحب، تتجلى بدمعة يسكبها في مظلوميته او في عاديات الدهر عليه او لتواتر الأحزان عليه، انما هو جلف صلف قد قلبه من صخر، كما يصفه النبي الأعظم صلى الله عليه وآله، لأنه في الحقيقة فاقد لمقوم أساس من مقومات إنسانيته، فهو منحرف عن الفطرة السليمة التي هي أساس الدين، بل هل هي الدين ذاته.. يقول الله تعالى:
(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) .
ان الحسين عليه السلام بالنسبة لدين الفطرة؛ الإسلام، هو بالإجماع: سبط الرسول صلى الله عليه وآله، وريحانته، وحبيبه، وسيد شباب أهل الجنة في المسلمين والمطهر من الرجس بنص الكتاب، والمطلوب مودته بنص القران، وخامس أصحاب الكساء، والإمام المفترض الطاعة بنص الكتاب أيضا وهو من الآل الذين لا تصح الصلاة الا بالصلاة عليهم... وكثير مما لا يحصى وهو من المسلمات عند جمهور المسلمين في فضل الحسين وتميزه بالمحبة.
فكيف نجد إنسانا يحب الحسين عليه السلام وهو بهذه الميزات، وتفيض عينه بحب الحسين عليه السلام، طاعة لله وللرسول، وحسب وصايا الرسول والكتاب الحكيم ونقول عنه انه مبدع، وان عمله لا يرضي الله ورسوله!!
انه منتهى الجهل، بل هي نعرة إبليس وغواية الشيطان، باتهام الإنسان بما حباه الله تعالى من فضل، فلعنة الله على إبليس والشياطين وحزبهم.
والأقرب من هذا ان هذا النوع من الحرص على الدين، هو البدعة،، وتحت عنوان هذا الحرص، يمارس كل البدع التي حذر منها الرسول الأعظم دون ان يرعوي، وهو يعلم ان الرسول صلى الله عليه وآله، حذر منها، بل ليخدع نفسه صنفها من البدع المقبولة، وهذا من البلية الشر التي تضحك!
والأغرب الغريب من كل هذا ان الذي يرى في البكاء على الحسين عليه السلام، من محبي الحسين عليه السلام بدعة، قد يساوي بين الحسين عليه السلام والذي لعنه الله ورسوله، ويترضى عليهم!!
ثالثا- نهج الحسين عليه السلام التربوي وكيف يمهد لدولة الاسلام العالمية:
إن من أهم ما يلفت نظر المرء في سلوك الأفراد والجماعات في الحياة الدنيا، هو أن يرى، أو يسمع أحدا أو جماعة يبكون، وكلما كان البكاء حادا كلما كان الانتباه يشتد إليه والفضول يحوم حوله.
وكلما كان بكاء المسلمين على الحسين عليه السلام سلوكا جمعيا وشديدا كلما كان
أكثر إثارة في شد الانتباه، ويبعث على طلب الجواب المقنع، على الصعيد الفردي والاجتماعي ثم على الصعيد السياسي، ولذا كان بكاء المسلمين على الحسين عليه السلام يقض مضاجع الطغاة على مر العصور. وتلك حقيقة تاريخية وسياسية في حياة المسلمين تحتاج إلى دراسة.
فالإنسان قد يقول كذبا، او يفعل زورا، او يماري او يجادل باطلا، لكنه لا يستطيع ان يبكي كذبا في مجاميع، وربما في شعوب بالكامل، وفي موضوع تنعقد النفوس عليه كدين، والسلوك الجمعي فيه بقصد القربى لله تعالى، وان يطول بكاؤه أحقابا وقرونا ويتكرر حزنه
بصدق تام!!!
ولو قلبنا تاريخ الأدب العالمي على الإطلاق فلن نجد شعرا اصدق وأوفر وأكثر وأحسن من أدب ألطف، ترى لماذا؟
والشعر الحسيني خصوصا لم يكن له في الشعر العالمي مثيل بصدق عاطفته، حتى إن عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين يقول: كان الشعر العربي علويا وسيبقى علويا، لما فيه من حرارة العاطفة وصدقها الذي ينبض بحب آل محمد(صلوات الله عليهم).
من هنا ندرك أهمية الحسين عليه السلام، كثائر يطالب الإصلاح في امة جده (صلى الله عليه وآله)، قتل ظلما وخيانة وغدرا، ثم سبيت عياله عيال الرسول(صلى الله عليه وآله) الطاهرات، وقدمت الرؤوس المقدسة هدايا لأبناء الباغيات والطلقاء.
اذن؛ صدق عاطفة الناس اتجاه الحسين المظلوم، ودوام الحزن والبكاء على مصيبة الحسين عليه السلام وأهل بيت النبوة الأطهار، كلها أمور تؤدي إلى حفظ الدين؛ وديعة الحسين المحبوب المظلوم المذبوح من اجل هذا الدين، ويمكننا ان نشهد اقتران اظهار مظلومية الحسين بحفظ الدين في اتجاهين:
الاتجاه الاول:
في البكاء على الحسين عليه السلام معاني التصاق العاطفة عند الباكين من أنصار الحسين عليه السلام، بالمبدأ الذي قدم الحسين نفسه شهيدا من اجله، وقدم عياله؛ بنات الوحي، سبايا عند الأدعياء من اجل الدين، فالبكاء هنا احتجاج وتعبير عاطفي مستمر، لاجل أهل البيت(عليهم السلام) المظلومين وضد الظالمين منذ فجر الإسلام الى الآن.
ان أهل البيت((عليهم السلام)) مطهرون بإرادة الله:
(إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) .
وإرادة الله لاشك نافذة، فالبكاء على الحسين عليه السلام، إنما هو بكاء لفقدان الإسلام الحق الذي يمثله الحسين الطاهر المطهر عليه السلام بكل ما تعنيه إرادة الله تعالى من محض الخير والسؤدد، و الذي يختفي من واقع المسلمين، فالحسين لازال يذبح في كل لحظة، والبكاء عليه تمثيل لواقع مفقود ولا يمكن لمبدأ الحسين إن يسود إلا بمحق الظالمين، وعلى هذا يستمر البكاء على الحسين عليه السلام، ومعه تستمر مبررات هذا البكاء التي هي ضرورة سيادة دين جد الحسين صلى الله عليه وآله.
و من جانب أخر نجد أن أعداء الحسين عليه السلام، ولا زالوا، بنفس مواصفات يزيد وعمر بن سعد والشمر وعبيد الله، وخولي وسنان... أوغاد أجلاف ظلمة متسلطون، لا يهمهم من الكرسي إلا التحكم في رقاب الناس واكل أموالهم، والتلاعب بمقدراتهم... والدين لعق على الألسن كما يصف الحسين الناس عليه السلام في خطبته يوم عاشوراء
فالبكاء على الحسين عليه السلام إنما هو احتجاج على استمرار الحال وغياب دين الحسين وجد الحسين وأبو الحسين(صلوات الله عليهم).. ترى ما هو دين الحسين الذي يريده الباكون؟
وعلى هذا المنوال تستمر هذه الاطروحة الربانية الحسينية الراتبة، الى ظهور امام الزمان عجل الله فرجه، وفي معانيها يستمر حفظ مذهب ال محمد في نفوس المحتجين من المسلمين البكائين على الحسين فقط.
وهذا للأسباب التالية:
1. فالبكاء على الحسين عليه السلام وسيلة للتعبير عن الالتصاق بالدين الصادق وللكون مع الصادقين، الذين امر الله تعالى بالكون معهم. قال تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)
والصادقون هم أهل البيت(صلوات الله عليهم).
2. والبكاء على الحسين عليه السلام وسيلة تمثل اختيار السفينة المنجية التي أوصى الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله بركوبها وعدم التخلف عنها.. قال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله:
(ان مثل اهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك) .
3. والبكاء على الحسين عليه السلام وسيلة للتمسك بالثقل العاصم من الثقلين الذين أوصى بهم الرسول الأعظم صلى الله عليه واله وسلم بالتمسك بهما عصمة من الضلال.
4. فقد قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم:
(أما بعد أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم الثقلين؛ اولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغّب فيه ثم قال؛ وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي)
والبكاء على الحسين عليه السلام طاعة لرسول الله صلى الله عليه وآله والائمة المعصومين، في محبة الحسين واهل بيته عليهم السلام، كما مر معنا في قوله صلى الله عليه واله: (أحب الله من أحب حسينا).
فالبكاء على الحسين عليه السلام طاعة لله تعالى في مودة ذوي القربى عليهم السلام، المطلوبة في القران. وهو تعبير لتجنب الاصطفاف مع حزب إبليس، فقد قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم:
(النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف فإذا خالفتهم قبيلة من العرب صاروا حزب إبليس) .
الاتجاه الثاني:
في البكاء عل الحسين عليه السلام، دعوة لنصرة المستضعفين من كل جنس ولون، الذي هو عماد مذهب أهل البيت عليهم السلام، باعتبار ان الدين أصلا جاء لعصمة الإنسان من ان يكون مستغلا او مستغلا، وهو بيان لكل معنى جميل في الوجود الذي ليس فيه فرق ولا ميزة لعربي على اعجمي الا بالتقوى التي لم تبرز الا من خلال ثورة الحسين عليه السلام؛ لان البكاء على الحسين فيه حجة على بقية المسلمين بالملازمة والتكرار، حيث البكاء يلازم المستضعفين المحبين لناصريهم الحقيقيين، ويتكرر مع الدهر في أيام الله، وضمن معيار شعائره؛ فهو إذن دعوة للجميع؛ ان يسالوا عن سر هذا البكاء السرمدي، ومن خلال هذه الشعائر؛ هل هو معقول ان تكذب عواطف مئات فطاحل الشعراء وعمالقتهم على مر التاريخ.
فما من فطحل او عملاق في الشعر الا وهو محب لاهل البيت وللحسين عليه السلام من النادبين المبكين الباكين!!!
ليس صدفة ان يكون عمالقة الفكر الإسلامي، هم ممن يبكون الحسين عليه السلام ومن اشد محبيه ومواليه. من امثال العالم المبدع والمفكر العظيم جابر بن حيان الكوفي، والفيلسوف الكبير والطبيب العبقري ابن سيناء الشيخ الرئيس، وابن النديم الذي يصفونه بالمتطرف في حب ال محمد، والفراهيدي، وابو الاسود الدؤلي... وغيرهم كثير، ومن القريبين الفيلسوف المبدع صدر الدين الشيرازي(الملا صدرا)، والامام محمد باقر الصدر والثائر الامام الخميني.
اما كل عمالقة الشعر فهم ممن يبكون الحسين ويندبونه؛ الفرزدق والكميت ودعبل وأبو العتاهية وابو فراس وابو نؤاس..حتى لكأن البكاء على الحسين ملهم الإبداع في كل اتجاه.
هل معقول ان هذه العقول العملاقة في التاريخ كلها تبكي الحسين لمجرد صدفة!!!
نطلق هذا التساؤل بفرض ان المتسائل عن البكاء على الحسين عليه السلام هو باحث عن الحقيقة، ولم يكمم عقله بمسلمات ما انزل الله بها من سلطان، لذا فان لم يكن باحثا عن الحق، فليس مأسوف عليه ما يفعله بنفسه فان يوم الفصل كان ميقاتا.
قال الله تعالى:(قُلْ فَلِلهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ)
6- دور العلماء في التربية تحبيب الحسين الى الناشئة:
اولا- حب الحسين عليه السلام حرب على الطغاة والظالمين:
يترافق إظهار جب الحسين والحسرة على الحسين عليه السلام بذكر قصة مقتله، مع مظاهر الحزن وتعابير الحسرة والأسف، ضمن مراسم للعزاء في سلوك جمعي لشيعته ومحبيه، في كل صقع من أصقاع الأرض وفي كل آن من عمر الناس على سطح هذا الكوكب.
الحسين عليه السلام سبط رسول الله صلى الله عليه واله وسلم، وامام بنص الرسول قام او قعد، ومكتوب على الجميع لزوم محبته بنص الكتاب ومطهر من الرجس بإرادة الله تعالى و بنص الكتاب ايضا، وهناك وصايا نصية ومميزة للحسين من جده صاحب الرسالة فهو ابن الرسول والرسالة وأمه الزهراء سيدة نساء العالمين وابو المرتضى سيد الوصيين، وعيله هم عيال رسول الله.
اما قتلته فهم أبناء أللعناء الذين لعنهم الله ورسوله في مواطن كثيرة، ومن الذين طردهم رسول الله والمعروفون بانهم القردة والشجرة الملعونة في الرقان، سلالة النوابغ سمـية ومرجانة شاربي الخمور وراكبي الفجور، طغاة العصور.
إذن الصورة هكذا: مستضعفون يندبون الحسين عليه السلام، ويبكون مستذكرين قصة الحكام الطغاة أولاد الزانيات، شاربي الخمور وراكبي الفجور، الذين استولوا على السلطة لمآربهم الخاصة، فحرفوا الشرع وساموا الناس الذل والقتل والترويع، وأكلوا الأموال بالباطل، ثم عدوا على عترة نبي الأمة فقتلوا أولاده وسبوا بناته.. وتفاصيل مواقف الشرف التي ليس لها مثيل التي وقفها الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه، من جانب ومواقف الغدر والخسة بكل ألوانها التي وقفها الطغاة وقادتهم وزبانيتهم.
هذه صورة البكاء الحسيني المتكرر في كل مكان ووقت، احتجاج بالغ التأثير، و في مضمونه تأييد للمظلومين المحرومين وتحريض يؤجج نار الثورة في المستضعفين، مثل ما هو تذكير بعدوان الحكام الظلمة وتحريض الناس على لعنهم والتبرؤ منهم.. إنها سياسة لنصرة الحق دوما وفي منتهى الذكاء، يورثها ويؤسس لها الحسين في قصته.
ان مجالس البكاء على الحسين عليه السلام تهز عروش الطغاة حيثما تقام.. ولذا فالطغاة والبكائين على الحسين عليه السلام في حال حرب سجال على مر التاريخ مع الظالمين.
إن البكاء على الحسين عليه السلام؛ مثار قلق ومشكلة سياسية كبيرة تؤرق الطغاة، وهي في واقعها مشكلة سياسية معقدة جدا، ترتبط بالدين وتحيله الى محض سياسة.. تدفعه للواجهة من جديد وقد ظنوا انهم جعلوا افتراق الدين عن السياسة من المسلمات!
ان الباكين على الحسين عليه السلام هم ثوار الدين الحق شعروا بذلك ام لم يشعروا، لأنهم حمالين لمعاني نهج الحسين المظلوم، والبكاء ظاهر يعبر به المظلوم عن مظلوميته، والبكاء تظاهرة كبيرة للمظلوم على ظالمه، بما يرافق البكاء من دعاء على الظالم ولعن ومقت، وهو مباح بنص القران:
(لا يُحِبُّ اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللهُ سَمِيعاً عَلِيماً) .
في البكاء على الحسين عليه السلام يتجدد الدين:
وجود شعائر تستبكي الناس دوما:
_ كل ارض كربلاء وكل يوم عاشوراء
_ لكل موسى فرعون ولكل يزيد حسين.
_ إشارات وشعائر متجددة؛ مثل مراسم شعار؛ ابد والله لا ننسى حسينا، ومثل؛ مسيرات راجلة من كل أصقاع الأرض باتجاه كربلاء، ومثل؛ تبرع للعطاء بلا حدود وبشكل جمعي للباكين في ذكرى الحسين المظلوم عليه السلام... وغيره مما تتفتق عنه معاني حب الحسين عند البكائيين عليه.
إذن لولا البكاء و البكائيين على الحسين لصار انتقال الخلافة إلى يزيد وأمثاله من الفجرة الطلقاء والأدعياء، ليكونوا خلفاء رسول الله(صلى الله عليه وآله) في عقيدته ومهام رسالته.. لكان هذا الانتقال أمرا عاديا مثل بقية حوادث التاريخ تلقائيا وبهذا لضاع الدين إلى الأبد.
لان البكاء على الحسين عليه السلام، عزز سيكولوجية بغض الظالمين في المجتمع الشيعي عبر قرون، وهو بدوره تمهيد لمحقهم على يد المصلح العالمي الثائر الذي يرفع شعار يا لثارات الحسين.
وبهذا فإننا نجد حلقات متناسقة مترابطة لها معنى المسؤولية والتكافل، يفرزها البكاء الذكي على الحسين عليه السلام في مذهب ال البيت(صلوات الله عليهم)، ليس لها مثيل في الأديان والمذاهب الأخرى.
ضمن ذلك الهيكل السيكولوجي الاجتماعي المحبوك في مجتمع البكائيين، يكمن ضمان حفظ الدين وتجدد مهامه، رغم كل ما يبدو انه خلل.
ثانيا _ شعائر الحسين(عليه السلام) محض توحيد لله تعالى:
كما قدمنا في مقدمات البحث، فان هناك نسبة ثابتة بين الظلم والشرك، بل هما وجهان لمعنى القبح في الوجود، وان البكاء على الحسين عليه السلام وكل الشعائر الحسينية خصوصا المسيرات الراجلة، هو تعبير عن كراهية محبي الحسين عليه السلام للظلم، واعلانا لبغض الظالمين في كل عصر ومصر، وانه عمليا يعزز سيكولوجية بغض الظلم وعداوة الظالمين في النفوس الباكية والمجتمعات المتظاهرة..تجسيدا لما ناله الحسين من مظلومية متميزة بمنتهى القسوة والإجحاف، ليس إلا لأنه صاحب دين صحيح جوهره التوحيد الخالص لله تعالى.
وإذا كرهت النفوس الظلم حقيقة؛ فإنما هي تكره الشرك؛ فقد جاء في قوله تعالى:
(وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لاِبْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) .
ان البكاء على الحسين عليه السلام _ كما هو مفترض _ يصدر عن نفوس قومت بتوحيد الله تعالى الخالص، لأنها انطوت على بغض الظالمين وعداوتهم والبراءة منهم. وهذا هو منهج واضح في التوحيد يبرزه القران تعلمناه من سيرة سيد الموحدين إبراهيم الخليل عليه السلام التي يحكيها القران الكريم؛ قال تعالى:
(قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) .
والآية محكمة واضحة المعاني والدلالات على بغض الظالمين كأساس للتوحيد كعقيدة تستوعب النفوس.
وفي موضع اخر من نهج القران في كون بغض الظالمين وعداوتهم هو نهج الموحدين؛ قال تعالى على لسان ابراهيم عليه السلام:
(قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ* فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ) .
وفي موضع أخر يقول الله تعالى عن سيد الموحدين إبراهيم الخليل عليه السلام في جده لامه أو عمه:
(وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) .
تبرء إبراهيم من اقرب رحمه، لأنه علم انه عدو لله تعالى.. والشيء اللافت هنا في هذه الآية الذي يحتاج إلى تأمل كبير، هو تذييل الآية، بمدح إبراهيم بأنه أواه، أي بكاء.
والبكاء على الحسين عليه السلام بما فيه من حسرة وحرقة على مظلوميته ومصيبته
الراتبة، فانه يتضمن لعن الظالمين الكبار ومؤسسي الظلم في العالم والبراءة منهم،
خصوصا الذين امتطوا الدين الذي جاء بشريعة التوحيد والوحدانية ومحق الظلمة والظلم، فجعلوه سهما لغاياتهم في الحياة الدنيا وعروة للتسلط على الناس بغير عدل افشوه،
ولاحسنا فعلوه.
إذا لا توحيد خالص لله تعالى في الأرض بلا ببغض حقيقي للظالمين ولا أساس لبغضهم عمليا وعلى الواقع الإنساني اليوم إلا في الباكين على الحسين عليه السلام، ولذا فان أئمتنا(عليهم السلام) قد أسسوا عمليا للتوحيد بدمهم وبدموعنا.
فما أغلى ما أعطوا(عليهم السلام) لتوحيده جل وعلا، وما ارخص ما نعطي، ذلك إن كنا نسكب دمعة في سبيل الحسين عليه السلام.
النتيجة: ان من معاني كمال الإسلام انه يحمل في ذات عقيدته مناهجه التربوية الى الكمال في كل شئ ومنه الكمال في منهج الاعداد لحكومته العالمية الكاملة على يد بانيها الرباني الامام ولي العصر عجل الله فرجه الشريف.