دور الشباب في التمهيد لظهور الإمام المهدي (عج)
الدکتور خليل خلف بشير
المقدمة
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ،والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله الطيبين الطاهرين ،ولاسيما الْمُعَدُّ لِقَطْعِ دابِرِ الظَّلَمَةِ، والْمُنْتَظَرُ لاِقامَةِ الأمْتِ وَاْلعِوَجِ، والْمُرْتَجى لإزالة الْجَوْرِ وَالْعُدْوانِ،والْمُدَّخَرُ لِتَجْديدِ الْفَرائِضِ و َالسُّنَنِ،والْمُتَخَيَّرُ لإعادَةِ الْمِلَّةِ وَالشَّريعَةِ،والْمُؤَمَّلُ لإحْياءِ الْكِتابِ وَحُدُودِهِ، ومُحْيي مَعالِمِ الدّينِ وَاَهْلِهِ، وقاصِمُ شَوْكَةِ الْمُعْتَدينَ، وهادِمُ اَبْنِيَةِ الشِّرْكِ وَالنِّفاقِ، او ُبيدُ اَهْلِ الْفُسُوقِ وَالْعِصْيانِ وَالطُّغْيانِ، وحاصِدُ فُرُوعِ الْغَيِّ وَالشِّقاقِ، وطامِسُ آثارِ الزَّيْغِ وَالاْهْواء،ِ وقاطِعُ حَبائِلِ الْكِذْبِ وَالاْفْتِراءِ،ومُبيدُ الْعُتاةِ وَالْمَرَدَةِ،ومُسْتَأصِلُ اَهْلِ الْعِنادِ وَالتَّضْليلِ وَالإلْحادِ،ومُعِزُّ الأوْلِياءِ وَمُذِلُّ الأعْداءِ، وجامِعُ الْكَلِمَةِ عَلَى التَّقْوى، وبابُ اللهِ الَّذى مِنْهُ يُؤْتى، ووَجْهُ اللهِ الَّذى اِلَيْهِ يَتَوَجَّهُ الاْوْلِياءُ، والسَّبَبُ الْمُتَّصِلُ بَيْنَ الاْرْضِ وَالسَّماءِ، وصاحِبُ يَوْمِ الْفَتْحِ وَناشِرُ رايَةِ الْهُدى،ومُؤَلِّفُ شَمْلِ الصَّلاحِ وَالرِّضا... الإمام المهدي _ عجّل الله تعالى فرجه وسهّل مخرجه وجعلنا من أنصاره وأعوانه _ وبعد: فقد شغلت قضية الإمام المهدي (عج) أذهان الكثير من الكتّاب والمفكرين والباحثين والزعماء والسياسيين والمحللين والمؤرخين والمستشرقين منذ ألف عام الى يومنا هذا، ومازالت تشكل المفصل التاريخي للمهتم بشؤون المستقبل ؛لأنّ هذه القضية هي قضية مستقبلية فضلاً عن كونها قضية تاريخية فهي تاريخ مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمعرفة المستقبل، ومن اجل أن يكون مشروع الإمام المهدي مشروعاً مقبولاً حتى تلتف الجماهير حوله وتنصر الإمام ليتمكن من إنجاز مشروعه المتوّج لمشاريع الانبياء ،لذا يجب أن تمر البشرية بمخاضات كثيرة وعسيرة ،ولابد للإنسانية جمعاء في مسارها الطويل أن تروض وتتهيأ وتستعد استعداداً تاماً للتمهيد لظهور الامام المنتظر (عج) .
على أنّ مرحلة الشباب تمثل مركز القوة والنشاط في حياة الإنسان ،وعماد المستقبل، وفيها الكثير من الحيوية والحماس الذي تحتاجه أي حضارة في مرحلة التأسيس أو في مرحلة الحراك، إذ إن الشباب هم حجر الرحى الذي يمكنه أن يوجّه مسار الأحداث في نتائجها العملية، وهو سلاح ذو حدين إذا لم يُعتنَ به سينقلب على عقبيه ؛لذا تجد أهل البيت (ع) يعتنون بالشباب أيّ عناية بوصفهم قاعدة صالحة لاحتضان المشروع المهدوي وتلبية مشاريعه الحضارية وبرامجه القيادية.
وعلى هذه الفكرة استند هذا البحث الذي قسّمه الباحث على فقرات ابتدأها بمدخل سمّاه ( الشباب وعملية التغيير ) ثم جاءت العنوانات الآتية:
_ الشباب وأهل البيت (ع).
_ الشباب والعلمانية الغربية.
_ الشباب والقضية المهدوية.
_ الشباب القرآني.
_ سبل النهوض بالشباب.
ثم ختمتُ البحث بخاتمة تمثل زبدته التي تمخضت عنه على أنني بذلتُ جهدي، وأعملتُ فكري لأضع هذا البحث بالمستوى المطلوب عسى أن ينفعني به في الدنيا والآخرة ،وأن أنال به رضا الله ورضا أئمتي ولاسيما قائمهم المهدي المنتظر (عج).
مدخل: الشباب وعملية التغيير
لاشك أن أية عملية تغيير حضارية لا يمكنها إلّا أن تعطي الشباب الدور الأكبر في عملية الحراك الحضاري، ولا يمكن تصور وجود حضارة من دون أن يكون ثمة منهج تعبوي خاص بهذا الشريحة التي تمثل عماد المستقبل، وفيها الكثير من الحيوية والحماس الذي تحتاجه أي حضارة سواء في مرحلة التأسيس أم في مرحلة الحراك، بل إن الحضارة التي تغفل هذا الدور لا يمكنها أن تبقى فالمشاريع المعادية ستجد فيهم أرضية خصبة للتحرك المضاد، مما يعني أن الشباب هم حجر الأساس الذي يمكنه أن يوجّه مسار الأحداث في نتائجها العملية، وهو سلاح ذو حدين فإن لم تجر العناية به فإن ذلك سيعني انقلابه على هذه العملية، الأمر الذي جعل أهل البيت(ع) يولون الشباب أهمية قصوى، فهم بعنوانهم طاقة اجتماعية وثابة من جهة، وباعتبار أن مرحلة عدم نضوج التجربة لديهم بسبب قصر العمر من جهة أخرى، وبسبب طهارة قلوبهم وصدق نفسياتهم التي لم تلوثها الدنيا بعد من جهة ثالثة، جعلتهم مطمح النظر، وهذا ما يتبين في الكثير من سيرتهم (ع)، ومن يتأمل في سيرة نماذج كعلي الأكبر أو القاسم بن الحسن عليهما السلام يجد أي نتاج لهذا المنهج، بل من يتأمل في ظاهرة الإمامة الشابة والمتمثلة بغالبية إمامة الإمامين الجواد والهادي (صلوات الله عليهما)، ومقدار من مرحلة إمامة الإمام المنتظر في زمن الغيبة الصغرى، يجد أن الشارع المقدّس في إيحاء هذا الأمر إنما أعطى الشباب زخماً هائلاً كي يسيروا بهمة نحو المقامات المتقدمة في قيادة الأمة، فهم يستطيعون إن أرادوا أن يقطعوا الأشواط في هذا المجال أسرع من غيرهم، نتيجة لمزاياهم المعنوية والوجدانية، ولو ضممت بمعية ذلك أمثلة النبي إسمـاعيل ويوسف ويحيى وعيسى (عليهم السلام أجمعين) لوجدت مركزية خاصة للشباب في الفكر التربوي الإسلامي.
ولعل أحد مخططات الأعداء جر الشباب الى مراكز الفساد والفحشاء لخوفهم من ثورة الشباب بوجههم فراحوا يسعون بكل السبل المتاحة الى إفسادهم من خلال الإذاعة والتلفاز والانترنيت والصحف والمجلات الخليعة لسلب طاقتهم الكبيرة فضلاً عن دعوتهم الى حرية المرأة باسم التقدم والتطور والتمدن فجروا النساء الى الفحشاء تحت عناوين برّاقة وشعارات مغرية وألفاظ جميلة مزّينة فضلاً عن دور مراكز الفساد في شل حركة الشباب بجذبهم الى اللهو واللعب بالقمار وشرب الخمر والإدمان على المخدرات، وإلهائهم بدوري برشلونة وريال مدريد بأن هذا من البرشة والآخر من الريال ناهيك عن دور الانترنيت في قتل الوقت بمراسلة الفتيات المنحرفات من خلال الفيس بوك والواتساب والفايبر والتانكو وغير ذلك .
فالإنسان ذو ميول غريزية يريد إشباعها ترفيهاً للنفس وتلبية لرغبتها فعادة ما يلجأ الى الترفيه والترويح عن النفس فيقضي أوقات فراغه بما يفرحه ويسليه ليتحرر من الروتين، ويمضي ساعات من النشاط والحيوية دون الشعور بالمسؤولية بهدف إزالة تعب العمل اليومي والابتعاد عن الآداب والتقاليد الاجتماعية فإذا جرى وراء إشباع شهواته، وإصابة لذاته النفسية في سبيل ترفيه نفسه لابد أن يحصد نتائج سلبية ،ويواجه آلاماً ومصائب لا تحمد عقباها.
الشباب و أهل البيت
وفي طرح منهج أهل البيت (عليهم السلام) للقيم العليا والنظم التربوية ووضعها كمنهج لتربية الشباب وإثراء عقولهم العملية والعلمية وتوجيههم باتجاه عدم الخضوع والاستسلام لإغراءات الدنيا ومخاوفها، وهي أحد أهم الوسائل التي تستخدمها أنظمة السوء، فإنه في نفس الوقت لم يطرح منهجه بصورة معقّدة أو على شكل نظم تربوية لا يستفاد منها إلّا في إطار النخبة الفكرية أو العلمية بل جعله مبسّطاً جداً وفي متناول كل يد، بصورة لا يشعر قليل الثقافة بأنه غريب عليه أو عصي على فهمه، وفي نفس الوقت يجد العالم الكبير فيه زاده الذي لا غنى لعلمه عنه، فينبغي على شبابنا العودة الى سيرة أهل البيت (عليهم السلام ) والاقتداء بسلوكهم وأخلاقياتهم من ذلك الرسول الأكرم ((ص) )، الذي وصفه الله تعالى بذي الخلق العظيم في قوله تعالى (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ _ القلم/4) وكذلك وصفه بالأُسوة في قوله تعالى ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا _ الأحزاب/21) ،ولم يصفه بالقدوة التي يُظنُّ أنها ترادف الأسوة ،وهذا غير صحيح ؛لأن القدوة ربما تقتصر على جيل أو مجال معين في حين تكون الأسوة ممتدة الى كل مجالات الحياة ،وتمتد الى كل مراحل التاريخ لذا فالجميع مدعوون لأن يتأسوا بالرسول الخاتم ؛لأنه منبع الحسن ،وهو الأكمل خلقاً والأعظم شمـائل ،وثمة من يصف النبي الخاتم برجل النظرية وأمير المؤمنين (ع) برجل التطبيق ،وهذا خطأ فنحن من خلال مبادئنا وقيمنا لا نفصل بين رجل النظرية ورجل التطبيق ،وإن كانت بعض المصاديق اختصت بالنظرية وبعضها اختصت بالتطبيق بيد أنّ هناك علاقة متبادلة بين التطبيق والتنظير ،وهي علاقة تجعل الإنسان صاحب النظرية القوية قادراً بكفاءة أن يخوض غمار عملية التنفيذ،ومن يخضْ غمار عملية التنفيذ يتفتق عقله وينفتح ذهنه لأن يستلهم النظرية المناسبة إذا احتاج أن ينظّر فخير من ينظر ،وحين ينفذ فهو خير من يطبق، وحينما يقف الشاب المتلقي أمام شخص الرسول الأكرم (ص) تتشبع نفسه بقناعة قوية أمام المعطي الأخلاقي المطلق على أنه (ص)يمتلك صفات أخرى فيها العظمة في فكره وأدبه وتواضعه لكنه ركّز على الجانب الأخلاقي ؛لأنه يسبق الجوانب الأخرى: العلمية والنسبية والمالية.قال تعالى ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ _ آل عمران /159) فالإنسان الفض مهما بلغ علمه وحجته ستنفض عنه الناس ؛لأنّ بوابة القلب أُغلقتْ ،ولا يمكن فتحها إلا بمفتاح الأخلاق ،وبوابة العقل تُفتح بالعلم فما لم نفتح قلوب الناس بالأخلاق لن تنفتح إلينا عقولهم ،ولا نستطيع التأثير في المتلقي ما لم يكن المتلقي قد فتح قلبه بأخلاقنا قبل أن يفتح عقله بثقافاتنا، فإذا افتقد الشاب لعنصر الإيمان نتيجة عاداته الذميمة وأخلاقه السيئة ما عليه إلا أن يبادر لإصلاح نفسه والتحلي بالصفات الحميدة والاتكال على قوة إيمانه بالله تعالى وقدرة غرائزه ؛لأن بلوغ السعادة وإحراز المكانة الاجتماعية من الرغبات الفطرية في الإنسان ،لا يمكن تحقيقها إلا من خلال التحلي بالصفات الحميدة ومكارم الأخلاق بإطاعة الأوامر الإلهية لقول أمير المؤمنين (ع): (( ذللوا أنفسكم بترك العادات، وقودوها إلى فعل الطاعات، وحملوها أعباء المغارم، وحلوها بفعل المكارم، وصونوها عن دنس المآثم ))، وقوله(ع) أيضاً: (( لو كنا لا نرجو جنة ولا نخشى نارا ولا ثوابا ولا عقابا، لكان ينبغي لنا أن نطلب مكارم الأخلاق، فإنها مما تدل على سبيل النجاح)) لذا طرحت قضية الانتماء إلى المجتمع الصالح والابتعاد عن مجتمع السوء بطرق مختلفة منها يتجلى بقوله (ع) في زيارة الحسين (ع):(( إني سلم لمن سالمكم، وعدو لمن عاداكم ))، أو قوله :(( معكم معكم لا مع عدوكم))، وهذا النص على صغره إلّا أنه ينطوي على بعد اجتماعي عميق جداً، ولكنه حينما طرح بين يدي الناس طرح بشكل غير معلن ضمن أبسط أساليب التثقيف الشعبية التي يمارسها عامة الناس بسلاسة، وترك الإسلام للزمن أن يتعمق الإنسان في معاني ذلك وفي طرق تجسيده في الواقع، وذلك بمعية أساليب كثيرة تعطي للإنسان دفقاً صغيراً ولكنه مستمر، وهذا المثال في الوقت الذي نراه بسيطاً جداً إلّا أنه يخفي مئات الضوابط والالتزامات الاجتماعية، ومع هذه الطريقة التي نجد فيها الإسلام يتواضع للشباب ويراعي نشأة عقولهم، إلّا أنه يترك الباب كبيراً جداً لهم لكي يتقدّموا باتجاه هذه الضوابط والمنظومات التي تتخفى في عمق هذه الكلمات.
وقد كان الرسول الأكرم (ص) قبل أربعة عشر قرناً يستفيد من قوة الشباب في دولته الفتية الصغيرة ،وقد أناط العديد من المسؤوليات المهمة في تلك الحقبة بشبان أكفاء ،وعندما كان يعتلي المنبر يدافع عن هؤلاء الشبان الأكفاء لاسيما الذين يوكل إليهم مناصب ومسؤوليات مهمة.
إن أهل البيت (عليهم السلام) يستهدفون إثارة النوازع الإنسانية الخيرة والراقية في داخل الإنسان، بغية الحفاظ عليها أو إبرازها بشكل أكبر ضمن المنطق الذي يعبّر عنه الإمام أبو عبد الله الصادق (ع) بقوله: (( من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان آخر يوميه خيرهما فهو مغبوط، ومن كان آخر يوميه شرّهما فهو ملعون، ومن لم ير الزيادة في نفسه فهو إلى النقصان، ومن كان إلى النقصان فالموت خير له من الحياة)).
الشباب و العلمانية الغربية
ثمة عاملان رئيسان يعدان منشأ معظم انحرافات الشباب ،وهما: قمع بعض ميولهم الفطرية وعدم الاهتمام بها ،وتمادي الشباب في إرضاء بعض من ميولهم ورغباتهم .قال د.كارل: ((ينبغي علينا أن نهتم من الآن فصاعداً بمسألة إحياء التعاليم العامة فالمدارس والثانويات والكليات لم تستطع أن تبني رجالاً ونساء يكونون مؤهلين لإدارة دفة الحياة بشكل سليم ،والمدنية الغربية سائرة نحو الرذيلة والانحطاط فلا المدرسة ولا الأسرة قادرتان على تربية جيل يمكن اعتباره متمدناً )).
على أن المنهج التربوي الذي تعتمده العلمانية الغربية تغلفه بشعارات برّاقة مثل الحرية، ولا شك أن الحرية قيمة فضلى، ولكن الدعوة لها وفق المنطق الغربي يجعلها سلاحاً ذا حدين بل هي أقرب إلى تخريب النفس الإنسانية منها إلى إثراء نوازع الكمال فيها، لأن الحرية حينما تكون متحللة من أي ضابطة اخلاقية تحوّل الإنسان إلى آلة همها أن تأكل وتمارس البقاء دونما هدف حقيقي، فضلاً عن أن ترقى به إلى الأعلى، ولو نظرنا إلى حصاد الحضارة الغربية المعاصرة لبرز جوهرها التخريبي للذات الإنسانية، ولاسيما للشباب الذين قد تستهويهم شعاراتها ومظاهرها، إذ أن توجيه الإنسان إلى ذاته بمعزل عن ربطه بالوجود الكوني وفلسفة وجوده في هذه الحياة يجعله في همّ دائم لإرواء الذات حتى ولو على حساب غيره، مما يجعل هذا الشاب أسيراً لظروف مراهقته وما تمليه هذه الظروف من استحقاقات هي الأخطر على تكوينه التربوي لأنها هي التي يفتتح بها ممارسته الحياتية والاجتماعية، مما يجعله يتجه إلى الجانب السفلي في هذه الذات لأن الغريزة الجنسية تلح عليه والإثارة العملية متوافرة بشكل كبير، وسجية الثراء تضغط عليه في بيئة اقتصادية غاية في القسوة والجفاء، ودوافعه نحو القيم الفاضلة تخمد لديه في مقابل نزوع سريع باتجاه القيم الدنيئة، وإقباله نحو الذات تقتل فيه روح المسؤولية تجاه المجتمع وتدفعه إلى التحلل من أي شيء، وغير ذلك كثير، فهو حر والآخر حر، والثقافة العامة تثري الصراع بينهما، فأي نتيجة سنخرج بها؟ لعل التعرف على معدلات الجريمة الجنائية وحدها كاف لرسم صورة المشهد، والمشلكة أنه لا يوجد أي ضبط تربوي باتجاه الفعل الاجتماعي اللهم إلا بمقدار ما يحتاجونه في العمل، مما يجعل الرأسمـالي هو المستفيد دوماً من هذا الإنسان، ولكنه بلا أدنى مسؤولية تجاهه لو انه لم يجد وسيلة عيشه الكريمة.
من الواضح أن المنهج العلماني المعاصر يتصارع منذ أكثر من قرن ونصف على شباب الامة كي يجتذب أنفسهم إلى مظاهر الحياة الغربية (كالجنس والرقص والغناء وتعاطي المواد الروحية والتحلل من الضوابط الأخلاقية والجنس ورفض القيم العليا في مقابل الاهتمام بالقيم الصغيرة) ويبعدهم عن دينهم وأمتهم، لأنهم هم من سيكون في الغد قادة هذه الشعوب، فإن كانوا متحللين أمكن الغرب العلماني من أن يبقي هذه الشعوب تحت رحمته، لأن التحلل الأخلاقي لن يجعلهم يصمدون أمام الإغراءات الكبرى التي تقدم أثناء بيع الشعوب، كما ولا يمكنهم من الثبات أمام المخاطر التي تعترض حرية هذه الشعوب واستقلالها عن ربقة الغرب العلماني بيد أنّ منهج الإسلام وأهل البيت (عليهم السلام) في تربية الشباب، بمقدار ما تحقق منه، وبما جادت ظروف الضغط العلماني من أن تفسح المجال لبعض تطبيقات هذا المنهج، يبثُ في الشباب روح الممانعة والمقاومة لكل المحاولات التي ترمي لمسخ هويتهم الثقافية والحضارية، ويمنعهم من الانهيار الأخلاقي أمام زخارف الغرب، ويبصّرهم بواقع النهضة الذي يجب أن يكونوا عليه، ومن نعم الله أن شبابنا بدأ يستجيب بعد أن فُضحِت أساليب الاستكبار وبدأ الوعي يتخذ أشكالاً متقدمة تارة عبر الصحوة الإسلامية وأخرى عبر ما يسمى الآن بالربيع العربي.
الشباب و القضية المهدوية
وتمثل القضية المهدوية أحد المحاور الأساسية في هذا المنهج، لأنها من جهة تثير الأمل العظيم بالمستقبل، ومن أولى بالشباب من المستقبل، لاسيما وأن هذه القضية بقي ركنٌ أساسي من أركانها معلّقاً بحركة التغيير في داخل الأمة من أجل إيجاد الناصر، وإلا فإن الإمام صلوات الله عليه ما غاب لأنه محب للغيبة ولكن قلة الناصر هي التي حالت دون النهوض بمشروعه الحضاري كل هذا الوقت، ولك أن تتأمل حينما يعي الشباب أن غيبة إمامهم مرهونة بطبيعة تغييرهم لأنفسهم ومجتمعهم، عند ذلك لن تجد هؤلاء مكتوفي الأيدي أو يرهنون أنفسهم إلى الهموم الصغيرة التي تلقيها أمامهم الحضارة العلمانية، بل سيتطلعون لما هو أكبر وأعظم، ولئن رأيت كيف أن شباب الأمة في زمن الأنظمة القمعية قاومت هذه الأنظمة وتحملت كل حالات القمع، ومن ثم قنعت بالشهادة بل أقبلت عليها، لأنها لم ترهن أنفسها لهذه الهموم بعد ان تطلعت إلى مهمتها الكبرى المتمثلة بالتمهيد للظهور المهدوي الشريف، ولعل نماذج كنماذج المقاومة الإسلامية في عهد الطاغية المجرم صدام وفي مواجهة الإرهاب التكفيري والبعثي، أو المقاومة الإسلامية في لبنان ضد الصهاينة او المقاومة الإسلامية في إيران ضد الاستكبار بكل شروره كافية لتبيّن لنا أي دور عظيم أداه الشباب حينما يتسلح بسلاح هذه العقيدة المباركة.
إن إطلالة سريعة على النتاج المهدوي في المستقبل يعطينا صورة على طبيعة الدور الذي يجب أن يتهيأ شبابنا له، فالإمام صلوات الله عليه سيقيم دولة العدل الإلهية وسيسيطر على كل العالم ويُنهي سلطان الجور والظلم الذي يسيطر على العالم، ولن يحصل ذلك بمعجزة، وإنما يحصل ضمن الظروف الطبيعية لعمليات التغيير الاجتماعي الكبرى، وهذه العملية حتى تتم لا بد وأن تكون هناك قاعدة صالحة تحتضن المشروع المهدوي وتلبي له مشاريعه الحضارية وبرامجه القيادية وتلتزم بطاعته، وقد قدّر للعراق في نفس الوقت أن يكون عاصمة العالم باعتبار أن عاصمة الإمام أرواحنا له الفداء ستكون النجف الأشرف، مما يعني أن الشباب العراقي على وجه الخصوص سيكون صاحب النصيب الأوفر في التوفيق للنصرة، وقد أرتنا المسيرة الأربعينية التي تتميز بأن غالبها الأعظم هم من هؤلاء الورود، كيف يمكن للشباب أن يصنعوا عز المذهب وفخر المعتقد ويقرّوا عين إمامهم روحي فداه ،وكما نعلم فإن النصرة لا تتهيأ إلّا من خلال تعبئة شاملة لكل القدرات والإمكانات التي تستلزمها معارك شرسة واستحقاقات ضخمة، لاسيما وأن فترة ما قبل الظهور الشريف ستشهد الهجوم السفياني على العراق مما يضاعف مسؤولية الشباب وغيرهم لمواجهة استحقاقات تلك المرحلة ولكي يرتقوا لمصاف الحاملين أعباء القضايا الكبرى والحاسمـة للأمة، لاسيما بعد أن أرتهم الدنيا كيف غدرت بهم السياسة، وكيف سقطت بأعينهم أكاذيب الاستكبار، وما أحسوا لأئمتهم صلوات الله عليهم إلّا كل رحمة ومحبة لهم، ولو تأملت في ظاهرة الكرامات التي يرزق بها الناس نتيجة للارتباط بأهل العصمة والطهارة (عليهم السلام)، والتي نسمع بها ونشاهده آلاف النماذج منها عن كثب لوجدت أن الأئمة في غيبتهم الحاضرة كلهم رحمة ومحبة، فما بالك لو حضر قائمهم صلوات الله عليه؟ على أن شبابنا ومن خلال ما تحقق طوال هذه الفترة قد تقدموا بشكل كبير باتجاه حمل الأمانة، برغم ما نراه من انحرافات هنا وهناك، وبالرغم من شذوذ بعضهم غافلاً عن هذا الطريق إلا أننا يجب ان لا نغفل أن القطاع الأكبر منهم توّاق لتجسيد ولائه لأهل البيت (عليهم السلام) ولإمامنا المنتظر(عج)، غاية ما هنالك أن سبل التوعية ما زالت دون المستوى المطلوب الذي يتناسب وطبيعة الغزو الثقافي والفكري الذي تعمل عليه مئات الفضائيات ضد شبابنا وأمتنا، بالرغم من أننا نمتلك اليوم الفضائيات، والمنبر بكل أصنافه يعيش حالة حرية فريدة في التاريخ الشيعي إلّا أن من الواضح أن بعض المبلّغين لم يرتقوا إلى المستوى الذي يجب عليه أن يصل إليه.
الشباب القرآني
في القرآن الكريم مساحة واسعة وكبيرة من الآيات التي أشارت إلى جانب تربية الشاب تربية قرآنية من خلال علاقاته الفردية والجماعية العامة إذ يؤكد الله تعالى لنا في القرآن الكريم أنّ معنى أنْ يكون الإنسان إنساناً مسلماً هو أن يكون إنساناً مسؤولاً عن نفسه، وعمن حوله ،وألّا يظلم فسه ولا يظلم غيره ،وقد وضع الله تعالى لنا برامج في العلاقات، ويريد أن يعرف كلّ منا ما له وما عليه في حياتنا الزوجية ،والأبوية ،والعائلية ،والاجتماعية.
إذاً يجب أنْ يجسد شبابنا مفاهيم القرآن سواء كان ذلك في المفاهيم العقيدية أو العبادية أو الأخلاقية أو الحركية بحيث يكون التوجيه القرآني توجيهاً واعياً حركياً لا توجيهاً جامداً على أساس الوقوف عند النص اللغوي بشكل تقليدي ،أي يجب أن يستوعب المسلم القرآن الكريم في فكره ،وفي شعوره ،وفي حركيته ،وفي واقعه العملي ليكون الرسول (ص) قدوة له في ذلك فقد (( سئلت عائشة عن خُلُق رسول الله (ص)، فقالت: كان خلقه القرآن )) فمن هذا المنطلق علينا أن يكون خُلُقنا القرآن قولاً وفعلاً ،وقد امتدح الرسول الأكرم الشباب الخاشعين لكلام القرآن بقوله: (( لولا شباب خشع ،وبهائم رتع ،وشيوخ ركع ،وأطفال رضع لصب عليكم العذاب صبا )).
على أن شبابنا لو عكفوا على قراءة القرآن لاختلط القرآن بلحمهم ودمهم بشهادة الإمام الصادق (ع) الذي يقول: (( من قرأ القرآن وهو شاب مؤمن اختلط القرآن بلحمه ودمه وجعله الله عز وجل مع السفرة الكرام البررة وكان القرآن حجيزا عنه يوم القيامة )).
سبل النهوض بالشباب
تمثل مرحلة الشباب الطاقة الحيوية المتحركة في الأمة ،كما تمثل الأمل في المستقبل وفي رؤية حركة المستقبل فبمقدار ما يمكن من تحقيق تقدم في بناء الشباب يتحقق تقدم في مستقبل الأمة والجماعة ؛لأنّ الشباب هم الذين يتحملون مسؤوليات المستقبل،وسوف يكون لهم دور في رسم المستقبل من هنا يجب عليهم أن يضعوا نصب عيونهم الأهداف المستقبلية سواء ما يمكنهم تحقيقه بصورة كلية أم تفصيلية حسب طبيعة ظروفهم وحركتهم ،كما عليهم أن يسهموا في عملية التغيير الاجتماعي فيما يتعلق ببناء الجماعة الصالحة بناءً يجعلها قادرة على تحقيق أهدافها في الوصول إلى حقوقها وواجباتها.
وفي هذه المرحلة - مرحلة الشباب- يشعر الشاب بطاقاته الحيوية ،ويريد أن يؤدي دوره في الحياة فكيف ننهض به وبغيره من الشباب لنستفيد من طاقاتهم الكامنة ؟
أقول: معظم شبابنا يعاني من الفراغ القاتل فعلينا أن نوجهه التوجيه الصحيح لملئ فراغه بما يرضي الله ،ويصب في مصلحته ومصلحة بلده منطلقين من الحديث النبوي القائل ((اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك))، وقول أبي العتاهية :
إنَّ الفراغ والشباب والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة
فسد الفراغ بالصالح ،والنافع ،والمفيد أمر مهم وضروري للشباب من خلال مجموعة من السبل الكفيلة بالنهوض بهذه الشريحة المهمة ،ومن هذه السبل :
1. الرياضة: ليست الرياضة مجرد وسيلة من وسائل ملء الفراغ فحسب بل هي وسيلة من وسائل تربية الجسد فإذا أضفنا إلى ذلك الروح الرياضية فإنها قد تكون وسيلة من وسائل تربية الروح في انفتاحها على ساحة الصراع مع الآخر بحيث تقبل الهزيمة بطريقة هادئة، ومن دون أن تضيف إلى الصراع صراعاً نفسياً، والرياضة في واقعها حركة للجسم، وتنشيط للمفاصل ،وتفعيل للدورة الدموية ،والعيش في ظلها بصحة وسلام ،والإسلام دين الفطرة لم يحرم الرياضة فقد أوصى بركوب الخيل ،وهو نوع من فن الفروسية ،ويشبه حديثاً سباق السيارات والدراجات، والتحلق في الجو ،وغير ذلك كما أوصى الإسلام بالرماية،وهي تشبه الفنون الحربية المعترف بها حديثاً كالرمي بالسهام أو بالرصاص ،أو رمي الكرة،
وكذا أوصى الإسلام بالسباحة؛ لعلاج أكثر الأمراض، وهي رياضة مازالت موجودة في الوقت الحاضر. إذاً علينا الاهتمام بهذه الهواية الشبابية بإنشاء المراكز ،والأندية ،والملاعب، وتوفير بقية المستلزمات الرياضية للشباب ،ولكن ينبغي ألّا يستغرق الشباب في اللعب طوال أوقاتهم ليصبح اللعب غايتهم الوحيدة في الحياة فتضيع الأهداف الكبرى، والطموحات العليا ،والآمال المنشودة على مستويات الواقع العلمي ،والسياسي، والثقافي ،والاجتماعي فتكون الرياضة هنا وسيلة لإلهائهم ،وإبعادهم عن ساحة الهدى ،والرشاد ،والصلاح كما هو الحال في أمريكا وأوربا كما إنّ كثيراً من حكام العالم الثالث يحاولون عزل الواقع الشبابي عن مواجهة القضايا الكبرى التي يمكن أن يسيء لها هؤلاء الحكام من دون أن ينتبه إليها المجتمع باعتبار استغراقه في اللعب واللهو بشكل يعزله عن كل قضايا الواقع.
2. الثقافة: هي الحصن الحصين الذي يحفظ للأفراد ،والجماعات ،والأمم عقائدها، وأخلاقها، ومبادئها، ويمدها بالروح المعنوية العالية ،ويمسك جميع أطرافها، ويوحدها في مسارها ومواقفها وأهدافها ؛لأنها تُعنى بتفاصيل البناء الاجتماعي ،وتمد جميع جوانبه وأبعاده بالتصورات والأطر التي يحتاجها على المستوى السياسي، والاجتماعي ،والاقتصادي، والتنظيمي، والأمني ،وكذا على مستوى الشكل والمضمون والمحتوى.
من هنا ينبغي الاهتمام بالشباب ،وتثقيفهم الثقافة الواعية الصحيحة في المدارس ،والجامعات ،وتوفير الأجواء المناسبة للدراسة ،وإنشاء المكتبات العامة ،وإقامة الندوات والمؤتمرات العلمية لمناقشة البحوث والدراسات ،وتنويع المؤسسات الثقافية من الحوزات ،والمدارس ،والمعاهد ،والجامعات والمساجد والحسينيات.ومن خلال هذه المؤسسات الثقافية تنتشر الثقافة والعلوم لاسيما أن الشريعة المحمدية حثت على طلب العلم حتى أصبح واجباً شرعياً في مذهب أهل البيت ،يتحمل الإنسان مسؤولية الإخلال به، والأحاديث كثيرة في هذا الصدد منها قوله (ص): ((طلب العلم فريضة على كل مسلم، ألا إن الله يحب بغاة العلم))، وقوله(ص): (( من أراد الدنيا فعليه بالعلم، ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم))، ويبدو من بعض الأحاديث أنّ المشرِّع الإسلامي يؤكد على ضرورة تعلم علم الفقه ؛انطلاقاً من قوله تعالى ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ - التوبة/122) ؛ لأنّ علم الفقه من أجل العلوم شأنا، وأعظمها شرفا، وأعلاها قدرا ،وبه يتعرف المكلّف على أحكامه اليومية . قال أمير المؤمنين (ع): (( ومن أجل العلوم شأنا ،وأعظمها شرفا ،وأعلاها قدرا ،هو علم الفقه، فبالفقه يتعرف الإنسان على أحكامه اليومية))، وقال الإمام الصادق (ع): (( لو أتيت بشاب من شباب الشيعة لا يتفقه لأدبته )) على أنّ المجتمع يحتاج المهندس ،والمدرس ،والمعلم ،والطبيب ،وغيرهم كما يحتاج الفقيه ،و( كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ) على ما يقول الله تعالى في كتابه المجيد ،و (( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)).
3. قلة النوم والعمل: إنّ كثيراً من الشباب العاطل يعيشون الفراغ فيحاولون ملأه بالنوم لساعات طويلة بيد أنّ أحاديث أهل البيت حذّرت من كثرة النوم إذ يقول الإمام الصادق(ع): (( كثرة النوم مذهبة للدين والدنيا))، وعنه (ع) قال: ((إن الله عزّ وجل يبغض كثرة النوم وكثرة الفراغ )) فلا بد للشباب أن يبحثوا لهم عن أعمال معاشية أو تعليمية أو يقضوا فراغهم بمطالعة الكتب النافعة . قال الصادق (ع): (( إني أشتهي أن يراني الله عز وجل أعمل بيدي وأطلب الحلال )).
إنّ إهمال مجموعة كبيرة من الشباب دون عمل جريمة كبرى ؛لأنّ إهمالهم سيولد في أنفسهم عقداً ،وأمراضاً نفسية أو حالات من الإحباط ،والانكسار ،والنقص،والحقد على المجتمع مما يكونون عرضة لارتكاب جرائم بحق أبناء جلدتهم لاسيما وأنّ الشاب يكون أكثر من غيره عرضة للانحراف لذا فمن الضروري توفير فرص العمل لهذه الطاقات المعطلة ،وتسخيرها للنفع العام ،ولسد احتياجاتها بوصف الشاب مواطناً له حقوق ،وعليه واجبات حتى يشعر بحقه الشخصي في وطنه فيحبّ أهله ،وبلده ،وللتفوق على حالات الإحباط والانكسار... التي يتعرض لها الشباب في هذه المرحلة من الحياة ،يبذلون جهدهم بالعمل الدءوب أو كسب العلم والجد للاستعداد لظروف الحياة الصعبة ،وقد أثنى المشرِّع الإسلامي على الإنسان الكاد على عياله فجعله كالمجاهد في سبيل الله.
4. إيجاد الحلول المناسبة لمشكلات الشباب: لكل مرحلة من مراحل حياة الإنسان خصوصية خاصة بها من التكوين العقلي والجسدي ،والأمراض الجسمية ،والمشكلات النفسية، والممارسات السلوكية، ولعل المشكلات التي تنشأ في مرحلة المراهقة والشباب من أخطر المشكلات وأكثرها أهمية، ومن أبرز هذه المشكلات :
(ترك الدراسة، والغرور، والقلق، والتدخين، والمخدرات، والأفلام الخلاعية، والبطالة، والحروب، والثقافة والانتماء الفكري، والاختلاط، ولباس الشهرة، واستماع الأغاني، والسياسة، وكتب الضلال).