عالمية الخلاص وحتمية الظهور في الفكر السياسي
الدكتور علي أبوالخير
مقدمة الخلاص في الأديان والأدبيات السياسيةإن فكرة " المنتظر " فكرة تكاد لا يخلو منها مجتمع بشري أو عقيدة دينية، فجذور الانتظار تضرب في أعماق التاريخ والمعتقد الديني، وهي فكرة مرادفة لمفهوم الخلاص، والخلاص شعور إنساني عام، وهو آتِ من الشعور الديني، لأن الفكر الإنساني جاء في الأصل من الفكر الديني، وسوف نفاجأ بأن الفكر السياسي له نفس الشعور الإنساني في انتظار الخلاص، وما المحاولات الدءوب في الفكر السياسي الغربي المعاصر لنشر نظريات مثل نهاية العالم أو صدام الحضارات أو العولمة، ما هو إلا اختصار الطريق من أجل التمهيد لخلاص البشرية من مفهوم أحادي النظرة، وعنصري الشروح والتعليقات، لأن التبشير بنهاية العالم يعني وصول الإنسان للخلاص بالاندماج في الغرب، وهو نفس ما يشير للعولمة وصدام الحضارات من أجل سيادة الجنس الأبيض، فالخلاص إذن له وجود في الفكر السياسي رغم أنه فكر مغلوط، ولكن وبنفس الدرجة نجد تلك المفاهيم عند الشعوب الأخرى في فترات تاريخية، فكانت النظرية الشيوعية الجدلية تبشر الشعوب بالخلاص في شيوع الملكية، وهو ما تحاوله الرأسمالية الغربية الآن، ولكن تلك المحاولات السياسية لم تجد يوما ما يجمع الناس من حولها، لأنها ابتعدت عن الفكر الإنساني المرتبط بالوحي الإلهي، فالخلاص له امتداد روحي وديني وعقلي في أدبيات الأديان ووجدان الشعوب وضميرها، ولو نظرنا إلى فكرة المخلص الموعود نجدها في الأديان السماوية واضحة أكثر من الديانات الوضعية والأفكار البشرية السياسية والاجتماعية، ولأن هناك إجماع بين الديانات السماوية على حقيقة ظهور المخلص يوما، كان علينا التأكد منه بالحقيقة لا المجاز، وسوف نجد أنه واحد في أدبيات الديانات، هو المهدي، الإمام محمد بن الحسن العسكري عليهما السلام، وهو ما يظهر لنا في هذا البحث، لأن عقيدة انتظار المهدي ليست حكراً على الديانة السماوية الإسلامية وإنما احتوتها الديانات السماوية الأخرى(اليهودية والمسيحية) لكن بلفظ المنقذ أو المخلص، والفكر الوضعي البشري فيه هو الآخر تصور إمكانية خروج منقذ أو مخلص يقود العالم إلى حيث الرخاء والعدل والطمأنينة وذلك للأسباب التالية:1 ـ إن عقيدة انتظار مخلص أو منقذ أو مصلح عالمي ينشر العدل والرخاء في ظهوره، وتتطهر الأرض من الظلم والقهر، من العقائد البارزة التي تؤمن بها العقائد أو الديانات الوضعية سواء أكانت سماوية أو فكراً إنسانيا وضعياً، حيث كان للظواهر الطبيعية والظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية دوراً في ظهور عقيدة الانتظار، وقد اختلفت شخصية هذا المنقذ عند العقائد الوضعية، فنلاحظ مثلاً انه النيل عند المصريين القدامى، وتارة أخرى تمثلت شخصيته بالإله تموز عند العراقيين القدامى، وأخرى تمثلت في شخصية (كرشنا) و(رامي) عند الديانة الهندوسية، وبوذي عند الديانة البوذية، وزرادشت عند ديانة الفرس القديمة، وأخرى تظهر لنا بطبقة البروليتاريا عند المفكرين الماركسيين، أي أن كل الأدبيات تظهر حتمية ظهور المخلص بعد انتظاره، لأن فكر الإنسان مرتبط بما أودعه الله في عقل الإنسان ووجدانه، وإن تنكب هذا الإنسان في معرفة ماهية من ينتظر وموعد انتظاره. 2. وهنا تلتقي العقائد الوضعية مع بقية الأديان السماوية الأخرى، كالديانتين اليهودية والمسيحية في عقيدة انتظار منقذ، والمنتظر المنقذ عند الديانة اليهودية هو المسيح المنتظر، وهو ليس النبي عيسى بن مريم (عليهما السلام) كما تعتقد به الديانة المسيحية، بل تؤمن الديانة اليهودية بأن الذي وعد به اليهود لم يأت، لذلك هم ما زالوا ينتظرون مجيئه ليحقق منجزاته الكبرى.
3. إن انتظار منقذ ومخلص لدى اليهود كان يأخذ أبعاداً وتيارات عديدة، فهناك تيار من يفسر انتظار المنقذ لظروف قاسية التي عاشها الشعب اليهودي أثناء وبعد السبي البابلي والذي أدى إلى اضطهادهم من الشعوب الأخرى، وتيار آخر يفسر بأن الانتظار هو فكرة غير أصيلة لدى الديانة اليهودية، بل مستمدة من الديانات الأخرى نتيجة لخضوعهم لها كالديانة الفارسية، أما الاتجاه الآخر وهم الأصح، هو الذي يفسر هذه الفكرة بأنها أصيلة وذلك لوجود كثير من النصوص القدسية في مصادرهم التي يعتقدون بها.
4. تعتقد الديانة المسيحية، كاليهودية، بالمسيح المنتظر أو المخلص، لكنها تختلف في مسألة المجيء، فالديانة المسيحية تؤمن بأن مجيء المنتظر قد تم على يد المسيح عيسى ابن مريم عليهما السلام، لكن الذي ظهر بعد ذلك اعتقاد بأن مجيء المسيح المنتظر سوف يكون المجيء الثاني، وعليه فإن الديانة المسيحية تعتقد أن المسيح هو (المخلص) للشعب والمصحح لمسيرة اليهودية، وقد أطلق على هذا المخلص اسم (يسوع المسيح) أو ابن الله، وقد ورد ذكره في العديد من التنبؤات في كتاب العهد الجديد والتي تتحدث عن مخلص آخر الزمان،3 وقد تبنى الفكر السياسي الغربي هذا المفهوم وأصّله بحيث صار الخلاص بالمعنى السياسي وحده، ويظهر ذلك في دعاوى الاستعمار قديما والعولمة حديثا.
5. إن عقيدة المسيح المنتظر احتلت مكاناً بارزاً في الذهن الأميركي المعاصر، وذلك من خلال المفهوم البروتستانتي الذي جعل العهد القديم مقدمة للعهد الجديد، أي أن التوراة أم الإنجيل، أو مبشرة به، فأتى ذلك من خلال ظهور العديد من الاعتقادات بالانبعاث اليهودي وبالعصر الألفي السعيد، وبظهور المسيح المنتظر في الوجدان الأميركي، حيث طوي الميل إلى الاعتقاد بأن عودة اليهود إلى فلسطين وإنشاء الدولة اليهودية شرط ضروري لمجيء المسيح المنتظر، ومن ثم نجد الدعم الديني للفكر الوضعي الذي يجعل من الدولة الأمريكية تأخذ على عاتقها حماية اليهود والسعي للعودة بهم للأرض المقدسة في فلسطين.
6. إن الديانتين اليهودية والمسيحية تلتقي مع العقائد الوضعية من حيث مضمون فكرة الاعتقاد بانتظار منقذ أو مصلح أو مخلص ينقذ البشرية من الظلم، وان اختلفت أسباب هذا الاعتقاد كما بينا سابقاً، جوهره يكمن في الاضطهاد والظلم والقهر، وقد أضافت الديانتان اليهودية والمسيحية أسباباً أخرى جعلت من مضمون فكرة الاعتقاد بالمنتظر فكرة أصيلة وذلك لوجودها في معتقداتهم وتعاليمهم ومصادرهم القدسية.
7. تلتقي العقائد الوضعية والسماوية اليهودية والمسيحية مع الدين الإسلامي الذي يرى ضرورة الثورة العالمية ضد الظلم الذي أرتكب بحق الإنسان، وتعد عقيدة انتظار مخلّص أو منتظر منقذ للبشرية من الظلم واحدة من العقائد المهمة بل والأساسية عند المسلمين، والمنتظر عندهم هو الإمام المهدي (عج).
8. إن عقيدة انتظار المهدي (عج) موضع اتفاق بين المذاهب والفرق الإسلامية، وذلك لأن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة التي أوردت خبر المهدي (عج) وانتظار الفرج في ظهوره ليملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً، وردت عند كل من أئمة وعلماء السُنّة والشيعة.
9. تعد عقيدة انتظار المهدي (عج) عند أهل السنة من العقائد المهمة، وهي حلقة الوصل بين العلامات الصغرى والعلامات الكبرى، فهي عندهم شرط من أشراط الساعة الكبرى، وأن الإيمان ببعثه واجب شرعي، وهو أصل من أصول العقيدة وذلك لبلوغ الأحاديث التي ذكرت خبره حد التواتر، ومن ينكر ويجحد خبر المهدي (عج) يدخل قي دائرة الكفر ويخرج عن الملّة.
10. المهدي (عج) عند أهل السُنّة هو الإمام أو الخليفة الذي سيقود المسلمين، وهو من أهل البيت نسباً، حيث ستكون خلافته، حسب اعتقادهم، على منهاج النبوة، وهو رجل شاب من المسلمين من آل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من ولد الحسين بن علي وفاطمة (عليهما السلام) وهو لم يولد بعد، أسمه محمد بن عبد الله، أي أسمه على أسم النبي (ص) وأسم أبيه على أسم والد النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).
11. يؤمن المسلمون الشيعة الأثنى عشرية بعقيدة انتظار المهدي (عج)، كما هو عند أهل السُنّة، حيث لا فرق بين الجميع في شخصيته ومواصفاته التي ذكرها الرسول (ص) ولا في علامات ظهوره ومعالم ثورته، لكن الفرق الوحيد هو في ولادته، حيث يعتقد أهل السنة أنه لم يثبت انه مولود وغائب، بل سيولد ويحقق ما بشر به النبي (ص)، بينما يعتقد الشيعة الاثنا عشرية بولادة المهدي (عج)، حيث ولد في بيت أبيه الحسن بن علي العسكري (عليهما السلام) في سامراء في ليلة النصف من شعبان سنة 255 هـ
12. المهدي المنتظر (عج) عند الشيعة الاثني عشرية هو محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام).
13. أن للمهدي المنتظر (عج) عند الشيعة الاثني عشرية غيبتان، صغرى وكبرى، وأن سبب الغيبة يتمثل في ظلم الحكام وتضييقهم ومحاولاتهم في قتله، وكذلك قلة ناصريه.
14. يعتقد الشيعة الاثنى عشرية بأن الإمام المهدي (عج) تولى الإمامة بعد وفاة أبيه الحسن العسكري (ع) وهو صغير السن، وكان عمره آنذاك خمس سنين، لهذا تسمى بالإمامة المبكرة وقد برر علماء الشيعة هذه القضية بقولهم : إن الإمامة هبة يمنحها الله تعالى لمن يشاء من عباده ممن تتوفر فيهم عناصر الإمامة وشروطها، واللطف فيض الهي، فمن لطفه سبحانه وتعالى ورحمته أن يهيئ للإنسان سبيل الهداية، وكذلك إن إمامة المهدي (عج) لم تكن الحدث الوحيد من نوعه، فقد أوتي النبي يحيى (ع) الحكم صبياً، كذلك هو الحال مع النبي عيسى (ع)، وقد أضاف علماء الشيعة تبريراً آخر، وهو أن الإمامة المبكرة ظاهرة سبقه إليها عدد من آباءه (عليهم السلام)، كإمامة محمد الجواد (عليه السلام)، وإمامة علي الهادي (عليه السلام) وإمامة الحسن العسكري (عليه السلام) والد القائد المنتظر (عج).
15. هناك إشكالية أثيرت على طول عمر الإمام المهدي (عج) وقد ورد عليها الباحثين من الشيعة الاثني عشرية من جانبين وهما: الجانب العقلي والجانب العلمي.
16. طرح الباحثون من إتباع الفكر السياسي الإسلامي الاثني عشري المعاصر سؤالا على أنفسهم وهو: ما الغاية من طول عمر الإمام المهدي (عج) ؟ وكانت إجابتهم متعلقة بجانبين هما: الجانب الأول يتعلق بشخصية الإمام لمهدي (عج)، وهي ضرورة إطالة عمره وذلك لأن عملية التغيير الكبرى تتطلب قائداً قريباً من مصادر الإسلام الأولى قد بنيت شخصيته بناءً كاملاً، وبصورة مستقلة ومنفصلة عن مؤثرات الحضارة المادية التي يقدر في اليوم الموعود أن يحاربها، أما الجانب الثاني فيتعلق بالمنتظرين للإمام المهدي (عج) وذلك لعدم وجود العدد الكافي من الأنصار من الناحيتين الكمية والكيفية أدى بالنتيجة إلى تأخر ظهوره وطول عمره (ع).
17. إن عقيدة انتظار المهدي (عج) على الرغم من أصالتها في الفكر السياسي الإسلامي إلا إن هناك من يرفض هذه العقيدة، وكانت مبرراتهم تتمحور بعدة جوانب منها: بأن المهدي (عج) هو عيسى بن مريم (عليهما السلام) استناداً إلى أحاديث ضعيفة، كذلك هناك من يبرر بأن أحاديث المهدي (عج) المروية عن الرسول (ص) كانت ضعيفة، ومن احتج بذلك كان (ابن خلدون)، وهناك من يرفض هذه العقيدة لأنه يعتبرها خرافة قد كونها الشيعة لكونهم قد تميزوا عن الفرق الإسلامية الأخرى وذلك لاهتمامهم المتزايد بهذه العقيدة، وأدت بالنتيجة إلى ظهور أدعياء البابية والمهدوية، ومنهم من يرفض عقيدة انتظار المهدي (عج)، وذلك لأنه يعتبرها مستمدة أو مقتبسة من مصادر خارجية كاليهودية، وبعض آخر يرفضها ويبرر أن هناك عوامل داخلية تتمحور بالظروف الاجتماعية والسياسية أدت بالنتيجة إلى ظهور هذه العقيدة التي تقوم بتدعيم العامل النفسي للناس وخلق نوع من المشروعية في نفوسهم، وعلى الرغم من ذلك ظهر الكثير ممن يرد على مبرراتهم ومنها: أن حديث لا مهدي إلا عيسى ابن مريم وهو حديث ضعيف لا يستند عليه، أما الرد على ابن خلدون فان هذا الشخص يعتبر من الشخصيات المؤرخة وليس محدثاً من أهل الاختصاص في تخريج الأحاديث المروية عن الرسول محمد، كذلك يمكن اختصار الردود عليهم هو في كثرة الأحاديث المروية عن الرسول (ص)، وتواترها بين فرق المسلمين كافة، والتي ذكرت خبر المهدي (عج) وانه من أهل بيته وانه يملأ الأرض عدلاً مثلما ملأت جوراً.
18. إن عقيدة انتظار المهدي (عج) قد تركت أثراً واضحاً في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر وذلك من خلال إنتاجها نظريتين هما : نظرية الانتظار السلبي ونظرية الانتظار الايجابي.
19. إن نظرية الانتظار السلبي هي المفهوم والممارسة الخاطئة لعقيدة انتظار المهدي عند المسلمين، فأصحاب الانتظار السلبي عند الشيعة الاثني عشرية يعتقدون بأن مسألة ظهور المهدي (عج) تعتمد على تحقيق (الشرط الموضوعي) ويعنون به : هو امتلاء الأرض بالمفاسد والمظالم، كذلك يعتقدون بأن العمل السياسي في غيبة الإمام المهدي (عج) ليس صحيحاً لهذا يدعون إلى إلغاء مشروع الدولة الإسلامية، وتعطيل مبدأي الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولهم في هذا الشأن عدة مبررات ومرتكزات يرتكزون عليها، وهي مجموعة من النصوص القرآنية والروايات المروية عن الرسول (ص)، والتي تم تفسيرها بشكل خاطئ، والتي تدعو، حسب اعتقادهم، إلى عدم الخروج على السلطان الجائر خشية من هلاكهم، لذلك فهم في هذا الجانب يشتركون مع أهل السنة، لكنهم يختلفون في سبب عدم الخروج، فأهل السنة لا يخرجون على السلطان الجائر وذلك خشية من الفتنة والفوضى التي ستحدث بين الناس في حالة إطاحتهم بالحاكم الجائر، وفي كل الأحوال فإن هذه الأمور تتعارض مع النصوص القرآنية والأحاديث النبوية التي تدعوا إلى عدم إطاعة الحاكم الجائر، إما خوفاً منه أو خشيةً من الفتنة، وذلك الأمر يؤدي إلى إبقاء الفساد وتكراره ويجعل الأمة بلا انتظار، لأن الانتظار الصحيح هو الاستعداد لخلق وصناعة المستقبل وفق القيم والمبادئ التي جاءت بها تعاليم الدين الإسلامي.
20. إن نظرية الانتظار الايجابي هي المفهوم والممارسة الصحيحة لعقيدة انتظار المهدي عند المسلمين، فأصحاب الانتظار الايجابي عند الشيعة الاثني عشرية يعتقدون بأن ارتباطهم بعالم الغيب لم ينقطع، وأنهم بذلك يترقبون ظهور الإمام المهدي (عج) دائما وفي أي لحظه، كذلك يعتقدون إن انتظار الإمام لا يعني أن يتخلى المسلمون عن مسؤولياتهم وواجباتهم، بل الأمر على العكس من ذلك، بل دعوا إلى تهيئة الأرضية المساعدة لإقامة حكومة العدل فيربوا الأفراد والمجتمع ليكون مجتمعاً يسعى نحو الحق، كذلك دعوا إلى مقارعة الظلم، لذلك كانت نظرتهم إلى كل مسلم بأن يضحي في سبيل الإيمان والإسلام لكي يكون مستعداً في كل آن لاستقبال دعوة الإمام المهدي (عج)، وذلك بأن ينظم حياته بشكل لا يتناقض مع دعوة الإمام المهدي (عج)، لكي يكون مؤهلا للانخراط مع أتباعه وأنصاره ويقارع أعداءه بكل ثبات، وعليه فان هناك عدة تكاليف يلتزم بها المسلم أثناء مدة غياب الإمام المهدي (عج) وهي: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة فريضة الجهاد بشقيه الجهاد الابتدائي والجهاد الدفاعي، والعمل بالتقية في الظروف القاهرة التي لا يستطيع فيها المؤمن أن يعلن عن مواقفه صراحة، فهي صيانة للنفس والعرض والمال، لكنها تحرم في ظروف أخرى إذا ترتب عليها مفسدة أعظم، كهدم للدين أو قتل للنفس أو ضرر بالغ على المسلمين، كذلك من تكاليف المؤمن أثناء فترة غياب الإمام هو انتظار فرجه والدعاء بتعجيل ظهوره، وذلك لأن الصبر على انتظار فرج ظهور الإمام المهدي (عج) يعد عبادة وجهاداً للمنتظرين المؤمنين، حيث يعد عصر غيبة الإمام المهدي (عج) هو مدة لاختبار النفوس ضعيفة الإرادة التي لا تصبر على تحمل انتظار خروجه لذلك يحصل لديهم حالة من اليأس والقنوط في خروجه، فهم بهذه الحالة يفشلون في هذا الاختبار الإلهي، لذلك يجب على المكلف الصبر على انتظار وترقب ظهور الإمام المهدي (عج)، أما وجه الإكثار من الدعاء بتعجيل ظهوره لأن فيه تقوية للارتباط بالله سبحانه وتعالى، حيث تصنع في داخلهم حالة من الانصهار الروحي والوجداني مع الإمام المهدي (عج)، كذلك من تكاليف المؤمن أثناء فترة غياب الإمام المهدي (عج) هي التمهيد أو التوطئة العملية لظهور الإمام (عج)، أي بعبارة أخرى، تمهيد الأرض لظهور الإمام (عج)، ويتم ذلك عن طريق تهيئة كوادر مدربة ومؤهلة لنصرة الإمام المهدي (عج) وإعدادها بشكل صحيح عن طريق التوعية والتربية الإيمانية والجهادية وتهيئة الأجواء الفكرية والنفسية لاستقبال الإمام (عج)، كذلك لابد من تهيئة الآلية السياسية والعسكرية والاقتصادية والإدارية والإعلامية لثورة الإمام (عج)، وذلك لأن لهذه الثورة مهمة كبيرة تتمثل في مواجهة طغاة الأرض الذي يقفون بالضد من الإسلام، ومن تكاليف المؤمن أيضاً هي التعرف على علامات ظهوره (عج) وذلك لأنها تعدهم نفسياً وإيمانيا واجتماعياً لاستقبال ظهوره والقيام بمسؤولياتهم لنصرة ثورته، أما أهل السنة فهم يشتركون مع الشيعة الاثني عشرية في هذه التكاليف ووجوبها على المؤمنين في مدة عدم ولادته ومنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكذلك دعوتهم إلى الجهاد الابتدائي والجهاد الدفاعي، حيث أنه على الرغم من إيمانهم بظهور المهدي (عج)، فهم لا يعلقون إقامة الفرائض المطلوبة منهم شرعاً على ظهور الإمام (عج)، كذلك لا يتركون العمل لإقامة الحكومة الإسلامية التي تحكم بما أنزل الله عليها من نصوص شرعية تدعو إلى حماية الدين والدعوة إلى نشره، كذلك الدفاع عن المسلمين ومقدراتهم في حالة وجود المهدي (عج) وعدم وجوده.
21.ساد اتجاه، نظرية الانتظار الايجابي، الذي يؤمن بإقامة حكومة إسلامية تقوم بتحكيم الشريعة الإسلامية، وقد ضم هذا الاتجاه نظريتين تختلف في الآلية التي تعين صاحب الولاية في الدولة ومصدر شرعيته، وهاتان النظريتان هما: نظرية الشورى ونظرية ولاية الفقيه.
22. نظرية الشورى هي إحدى نتاجات مدرسة الخلافة لأهل السنة وبعض اتجاهات مدرسة الأمامية لدى الشيعة الاثني عشرية، حيث تعد الخيار الأبرز لمدرسة الخلافة، وذلك لتأكيدها على وجوب الشورى على الحاكم والزاميتها له، وبالتالي تؤدي إلى الحد من الاستبداد والتحكم والسيطرة وتقليص دور حكم المستبد والاهتمام بدور الجماعة، لكنها في الوقت نفسه، لم تجد التطبيق الفعلي لها في العصر الحديث ولم ترتبط بنظام معين في دولة معينة إلا في تجربة الجمهورية الإسلامية في إيران، حيث تم التوصل إلى شكل من أشكال التنظيم السياسي الذي يوفق بين الانتخابات وبين مفاهيم الشريعة.
23. إن نظرية ولاية الفقيه في الفكر السياسي الاثني عشري المعاصر تعني بأن الحكم ينحصر فعلياً في الفقهاء، ويمنع عمن سواهم في الاشتراك فيه، أي إلغاء الدور السياسي للأمة وذلك لأنها تتعامل مع فقيه منصّب من عند الله (عز وجل)، لذا لا يمكنها الاعتراض عليه أو انتقاد سياسته، ويطلق على هذه النظرية تسمية (نظرية ولاية الفقيه المطلقة)، أما نظرية ولاية الفقيه المقيدة، أي المقيدة بدستور، يمكن أن يطلق عليها تسمية (نظرية ولاية الفقيه والشورى)، حيث أنها نظرية تتوسط بين نظرية ولاية الفقيه ونظرية الشورى، فهي تشترط في ولي الأمر أن يكون فقيهاً ولكن يتم اختياره عن طريق الشورى، أي انتخاب الأمة له،وهذا هو الذي يمنحه شرعية ممارسة الحكم.
24. إن نظرية ولاية الفقيه والشورى، هي النظرية الحاكمة فعلياً في النظام السياسي الإيراني المعاصر، على مستويي الدستور والتطبيق.
25. تلتقي نظرية الشورى لمدرسة الخلافة مع نظرية ولاية الفقيه لمدرسة الإمامة في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر في معظم الأهداف، وفي مقدمتها السعي إلى تشكيل حكومة إسلامية تصون مبادئ الدين الإسلامي وتدفع الظلم عن المسلمين وذلك بالمحافظة على حقوقهم، كذلك فإن بعض اتجاهات مدرسة الخلافة يشترط العلم بالفقه في الحاكم، وهذا الرأي يلتقي، كما هو معروف، مع المدرسة الأمامية الاثني عشرية في هذا الموضوع، مما يسهل تشكيل قاعدة لتوحيد الركائز بينهم، ومن هنا ندرك أن أمر وجود المخلص يقيني في الفكر السياسي والديني على السواء، ولأن الإسلام هو آخر الديانات، فقد عرّف ماهية المخلص وحقيقته، كما دعا الناس لانتظاره الدائم. الخلاص وعلم المستقبليات والسياسة يتضح أن الفكر الإنساني ارتبط بفكرة انتظار المخلص، وهي الفكرة التي ألهمت البشر بما عرفه العالم مؤخرا بعلم المستقبليات ؛ وهو علم يقوم على أسس علمية متخذا من نظرية الاحتمالات الإحصائية منهجا استقرائيا في كيفية قراءة المستقبل المنظور وغير المنظور؛ وهذا العلم قد يبدو متقاربا مع التنبؤ ؛ ولكنه يتخذ من التنبؤ أصلا علميا في قراءة المستقبل ؛ ويطبق هذا العلم على النمو السكاني والموارد البشرية والتخطيط لهما ؛ كما يشمل علم المستقبليات تحديد السياسات الداخلية والخارجية للدول ؛ وقياس ردود الأفعال عند الشعوب ؛ واستطلاع الآراء وحسابات التكلفة الاقتصادية والسياسة والبشرية على السواء ؛ ولكن العالم لم يصل لهذا العلم إلا مؤخرا ؛ والقرآن الكريم كان له السبق في هذا العلم ؛ وهو علم شامل لا يقتصر على الحياة الدنيا وموارد الكون ؛ يتعدى هذا العرف الدنيوي وحرص البشر على الرفاه الاقتصادي لينطلق في رحاب الدنيا ؛ فهو يطلب من الإنسان أن يستعمر الأرض ويضع الأسس العلمية في استغلال مواردها ؛ ثم يتحدث عن المستقبل الغيبي الذي اختص الله تعالى نفسه به كيوم القيامة والبعث والنشور ؛ وما بين الدنيا ويوم القيامة يأذن الله أن يندحر الشر ليعم الخير بني الإنسان ؛ وما يحدث هذا إلا بوجود من يقود المستضعفين لدحر الشر ؛ وهذا القائد هو ما قالت عنه اليهودية و والمسيحية بأنه المخلص ؛ ولكن الإسلام جاء ليحدد هذا القائد في شخص المهدي (عج) ؛ والذي يختلف في الرؤية والهدف عن مخلص اليهود والنصارى ؛ لأن اليهود ينتظرون مخلصا خاصا بهم يقيم لهم ملكا كملك داود عليه السلام ؛ وهذا المخلص اليهودي يكون من أهدافه حكم العالم والسيطرة عليه وتسخير الأمميين لخدمة قبائل إسرائيل ؛ في حين أن المسيحيين ينتظرون المسيح عليه السلام ليقيم ملكوت الرب ؛ ويحول اليهود إلى المسيحية ؛ ومن يأبى منهم يحق عليه القتل ؛ ولكن المهدي عليه السلام ننتظره نحن المسلمين ليقود المستضعفين المحرومين في العالم ليدحر الشر؛ ويعيد للتوحيد بهاءه الذي حجبه ظلم الإنسان ؛ ولأنه يحارب الشر العالمي ستكون هناك حرب كونيه قوى الشر مجتمعه وقوى الخير مجتمعه، ولأنها آخر الحروب يكون النصر للمؤمنين والمحرومين ؛ وذلك لأنها إرادة الله تعالى وما يتفق مع العدل والوعد الإلهي ؛ وكل ذلك من المستقبل الذي جاء به القرآن العظيم وثورة رسول الله (ص) مفردات المستقبل في القرآن الكريم كثيرة عن الغيب المستقبلي كيوم القيامة وعلاقات قيامها، كما أن كلمة غيب عندما تأتى في القرآن لا يقتصر مدلولها على معرفة ما غاب من المستقبل، دائماً تأتى بمدلولات مختلفة ؛ مثل غيب الذات الإلهية أو الإحاطة الكلية بالغيب أو الاستقلال بمعرفة الغيب،7 وعندما نزلت كلمة اقرأ على النبي المصطفى (ص) كانت تحدد ما في المستقبل من معرفة وعلم قام أساساً على اختيار الله لآدم في معرفة الأسماء، وعندما استنكرت الملائكة استخلاف آدم في الأرض استنكرت على معرفة ماضويه سابقه بأن هناك قبل آدم من سفك الدماء وأفسد في الأرض، والله تعالى عندما قال لهم إني أعلم ما لا تعلمون كان سبحانه يتحدث عن مستقبل آدم وذريته في الأرض، والأسماء التي تعلمها آدم هي أساس المستقبل القريب والبعيد، كذلك إن حوار الله تعالى مع الشيطان كان يدور حول الحاضر والمستقبل لا الماضي، والقرآن الكريم مليء بأساليب الشرط المستقبلية مثل : " فمن يعمل مثال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره "،8 و " من جاء بالحسنة فله خير منها " 9 و" ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار " 10 و" فإذا جاءت الطامة الكبرى، يوم يتذكر الإنسان ما سعى "11 و" إن تصبك حسنة تسؤهم "12، وغيرها من الآيات الكثيرة التي تتحدث عن المستقبل المنظور وغير المنظور في اشتراط موجود في القرآن الكريم، ولا يقتصر المستقبل هنا على الغيب وحده، بل جعل هذا المستقبل في الدنيا واستخلافها وعمارتها فعندما طلب يوسف عليه السلام من فرعون مصر أن يجعله على خزائن الأرض كان يتحدث عن مستقبل مصر الاقتصادي إذا تولاها فقال : " اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم "13، فهو يعلم عن نفسه الأمانة فزكاها لأنه أدرك بإلهام غيبي بتفسير رؤيا الملك أنه ستحدث مجاعة في مصر والبلاد المجاورة لها، وحدد كيفية تجاوز هذه المجاعة المهلكة، وكل ذلك يخص الحاضر والمستقبل، ومرتبط بقراءة الواقع وبالإلهام الإلهي في وقت واحد متصل، ولذلك أخبر الله تعالى النبي المصطفى (ص) عما حدث ليوسف وإخوته فقال تعالى " ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك، وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون " 14، جعل الله ما حدث في الماضي ليوسف غيباً على نبيه محمد (ص)، مثلما جعل ما حدث مع مريم (ع) في الماضي غيبا فقال تعالى : " وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون "15، ارتبط المستقبل بالوحي الإلهي، وارتبط المستقبل بقراءة الواقع أيضاً، فقد وضع الله في كتابه أسس قراءة الواقع للوصول إلى المستقبل البشرى بأسره وهناك آيات كثيرة تؤكد هذه المداولات الثورية فيما جاء على لسان النبي (ص) فقال تعالى : " قل سيروا في الأرض فانظروا كيف عاقبة المجرمين " 16، وهذا السير مستمر في الحاضر أثناء نزول القرآن وفى المستقبل بعد النزول والآن وفيما بعد، فهو حديث مستقبلي متجدد صالح لكل عصر، وذلك لاعتبار عما حدث للأمم السابقة، لكي لا يتحول الاستقرار إلى جمود عقلي ونفسي، كما جاءت آية أخرى للحديث عن كيفية بدء الخلق، والنظر إلى الكواكب والنجوم والأرض لعمارتها، وقال أيضاً : " أفلم يسيروا في الأرض "17، و"فلينظر الإنسان مما خلق "18، " فلينظر الإنسان إلى طعامه "19، " أفرأيتم الماء الذي تشربون " 20 و" أفرأيتم النار التي تورون " 21 وغيرها من تلك الآيات التي تجعل عقل الإنسان يتفاعل مع الكون الأحياء والأشياء، الجماد والحيوانات، الماضي والمستقبل، الغيب الإلهي، والغيب العلمي، وكله من عند الله تعالى، فهو كتاب معجز ومن دلائل إعجازه أنه كلما تقوم الزمن وتقدمت العلوم والفنون، فهو باقي على طراوته وحلاوته وعلى سمو مقاصده وأفكاره، ولا يظهر فيه خطأ في نظرية علمية ثابتة، ولا يتحمل نقض حقيقة فلسفية يقينية. 22 الإسلام والكتب السابقة والمستقبل الإسلام اعترف بصدق الدين اليهودي والدين المسيحي (وهو في حد ذاته موقف فوق البشر) كذلك اعترف الإسلام بأن التوراة والإنجيل هما كتابان شقيقان، وسابقان على القرآن، وأن الثلاثة موحى بتا من لدن الله سبحانه وتعالى، وفى أكثر من موضع كرر القرآن بعض الوقائع والأسماء التي وردت في التوراة والإنجيل، ولكن القرآن في نفس الوقت خلا من كل الأخبار والروايات المثيرة للشك أو الحرج، التي وردت في التوراة والإنجيل المتداولين اليوم بين الناس، ومن ثم فما من مسلم سيثور في ضميره ذلك السؤال الذي أزعج المسيحيين دهراً حول الأضرار التي ترتبت، أو المشاكل التي ثارت في المسيحية نتيجة تبنيها للنص التوراتي أو العهد القديم، فليس في القرآن، مثلاً، ما يوحى بأن خلق الأرض والسماء والكون تم منذ خمسة آلاف سنة أو عشرة آلاف سنة، أو مائة مليون،23 بل إن أية حقيقة يكتشفها العلماء عن هذا العمر، الذي يمتد بضعة ملايين مع كل اكتشاف جديد تنطبق على التصور القرآني أو لا تتعارض معه بينما استطاع علماء المسيحية استناداً إلى نصوص التوراة وحساب أعمار الرسل أن يحددوا " بالضبط " سنة خلق آدم وكانوا في غاية التواضع والزهد، فلم يتجاوزوا عدد أصابع اليد في حساب آلاف السنين التي عاشها الإنسان في هذا الكون.24 وليس في القرآن أن سيدنا لوط _ والعياذ بالله _ شرب خمراً وضاجع ابنتيه وهو الذي طلب هلاك خمس مدن كاملة بتهمة الانحراف الجنسي !. ولا أن المسيح " ابن الله " أو أنه صلب ثم قام ؛ ولا أن إبراهيم أغوى فرعون بزوجته لينجو هو بجلده، أو أن نوحاً لعن ابنه فأصبح أسود اللون، وعبداً لأخويه " غير السود " أبد الدهر !، كما أن الإسلام بثورته استطلع أن العقل المتنور في القرن الحادي والعشرين وما بعده لن يقبلها، بل ووضّح مواضع الشك لتجنب التفسير القاصر الذي طرحته المؤسسات الدينية قبل الإسلام ؛ فإذا كان الله قد خلق السموات والأرض في ستة أيام، فإن هذا التشبيه أو التعبير أوحى لمفسري التوراة والإنجيل بعقد مشابهة بين الزمن الإلهي والأسبوع البشرى، وبالتالي بين الله والإنسان ورأوا الله سبحانه وتعالى " يتعب " من " الشغل " طوال الأسبوع، فيرتاح في اليوم السابع، ولاشك أن القرآن لو تحدث كما فعل عن خلق الأرض في ستة أيام وسكت، لكان من الطبيعي أن يتأثر النص بتفسيرات العهد القديم والجديد، ولكن القرآن تنزه عن هذه المقارنة الساذجة بين أيام الله وأيام الأرض بين قدرة الله وجهد الإنسان فقالت الآية " وما أصابنا من لغوب " أي ما أصابنا من تعب.. وهو تعبير يبدو غريباً رغم صدقه، إذ أن إنسان القرن الحادي والعشرين لا يتصور نسبة التعب أو الحاجة إلى الراحة لله سبحانه وتعالى، بل إن المسلمين الذين تلقوا عن الرسول مفهوم التوحيد الخالص، لابد أنهم قد تعجبوا ثم صدقوا وآمنوا من هذا النفي أو لزوم ما لا يلزم، فما كانوا قد أطلعوا على النص التوراتي الذي نسب لله التعب من العمل ستة أيام ومن ثم منحوا _ الله سبحانه وتعالى عما يصفون _ عطلة الأسبوع25 فلم يعرفوا سخافة التفسير الحرفي لنص خلق الكون في ستة أيام، ولذلك حرص على تنبيه الأجيال القادمة إلى نسبية الزمن لكي لا يخطئوا التفسير، فنبهتهم إلى أن اليوم قد يكون على الأرض 24 ساعة، وفى بعض النجوم البعيدة 24 ألف ساعة، ولذلك وضع القرآن أكثر من نص يؤكد نسبية الزمن مثل قولها : " وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون " أو " في يوم كان مقدراه خمسين ألف سنة " و" في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون " ونلاحظ أن هذا التعدد، يؤكد نسبية الزمن، وعدم التقيد بفترة محدودة، ويبرز الفارق عن النص الذي ورد في الإنجيل بأن اليوم مع الله مثل ألف سنة، فهي في الإنجيل محددة بألف سنة، وهى أيضاً تقرن ذلك بقدرة الله على انجاز ما يستغرق ألف سنة عند البشر، فهذا هو المعنى الذي يتبادر للذهن، بينما هي في القرآن لا يمكن أن يفهم منها إلا نسبية الزمن، لأنه سبحانه وتعالى ليس له معدلات متصاعدة في العمل فمرة ألف سنة، ومرة خمسة أضعاف بل الحديث يدور حول اختلاف الزمن لا اختلاف معدل الإنتاج. هذه نصوص لا تحتمل الشك في معرفة قائلها بنسبية الزمن، وإذا كان رجل الدين، يطالبه رجل العلم بتقديم تفسير للنص على خلق الأرض في يومين، أو الأرض والسماوات في ستة أيام، لأن جميع الحقائق العلمية تؤكد أن عمر الأرض يتجاوز بلايين البلايين من أيامنا هذه ؛ فإن رجل العلم مطالب بدوره بتقديم تفسير لمعرفة " محمد بن عبد الله " مواطن من مكة في القرن السابع الميلادي، بنسبية الزمن، ورده مقدماً على هذا السؤال بطرح تلك النسبية ! إن جميع الحقائق العلمية تؤكد استحالة وصول عقل بشرى إلى نسبية هذا الزمن بهذا الوضوح في القرن السابع الميلادي، ولا حاجة للقول بأن موقف رجل العلم هنا أكثر حرجاً من موقف رجل الدين ومن ثم فإن التسليم بوجود جهة غير بشرية عالمة بنسبية الزمن أقرب للعقل وأسهل في التصديق. قوة عالمة خارج الزمان والمكان وفوق مستوى علم العصر وكل عصر، هي التي أوحت بالقرآن، وجعلته فوق مستوى النقد في كل العصور. 26 لقد تجنب القرآن التفاصيل، لأنه لم يكن في استطاعته مفاجأة الأجيال الماضية بحقائق علمية ستكشف بعد قرون، ولأنه تنزيل مقدس لم يقع في خطيئة الكذب. معجزة القرآن الدائمة أنه ما من حقيقة علمية متفق عليها اليوم أو في أي عصر تجعل المؤمن في حرج أمام نص قرآني متعارض معها، فيغمغم " إن الأرض تدور ولكن مادام الكتاب المقدس يقول لا، فهي لا تدور "، أما الذين حرفوا التوراة والإنجيل فقد حلا لهم أن يدعموا مصداقية الكتابين، بدس ما اعتبروه حقائق متفق عليها في عصرهم، فكان أن أصبحت هذه الأساطير والنظريات حقائق مقدسة، وجزءاً لا ينفصم من الكتاب المقدس، فلما تقدمت المعارف والعلوم، وثبت خطأ هذه الأساطير والنظريات، شكك ذلك في مصداقية الكتاب المقدس باعتبارها من صميم حقائقه وكان ذلك الحرج الذي عاناه ويعانيه المؤمن بسبب التناقض ؛ ولكن الأهم من ذلك أن آيات القرآن تحرض المفكرين على تأمل السكون والحركة، ونسبية المعرفة، وقصور الحواس عن الإلمام بكل حقائق العلم، واختلاف الحقائق المحسوسة عن الحقائق المدركة بالعلم والعقل.. الخ. 27 كيف استطاع الإسلام أن يتجنب هذا المأزق ؟ كيف أمكنه أن يعلن بشجاعة وصدق صحة الدينيين وانتمائهما لنفس المصدر في القرن السابع الميلادي ؟ وكيف يتحدث عن المستقبل الذي سيأتي بعد القرن السابع الميلادي بثلاثة عشر قرنا ؟لو كان الإسلام من تدبير بشر مهما كانت حكمتهم، لكان الأسهل عليهم، إعلان زيف الدينيين من الأساس، خاصة وأنهما لا عزوة لهما في جزيرة العرب، ولا ضرورة تحتم عليه مهانتهما، فالرسول لم يكن مضطراً لمهادنة أو كسب اليهود والنصارى. ولكن لأن الإسلام هو الدين الحق، كان لابد أن يشهد بالحقيقة، وهى صحة التنزيل على موسى وعيسى، ومن ثم صدور التوراة والإنجيل من نفس المصدر الذي أنزل منه القرآن وفى نفس الوقت القي بالتحدي المهول، وهو إعلان تزوير الكتابين المتداولين بين الناس في القرن السابع الميلادي !! إعلان أنهما تعرضا لتحريف وتعديل على يد البشر، مما يستحيل معه التمييز بين ما بقى من الوحي الأصلي وبين ما أدخلته الأهواء والتعديلات على يد الحكام والكهان إلا بتحكيم القرآن. " من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه "28 و " وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعدما عقلوه " 29، وهو " إدعاء " حرر الإسلام من كل ما لا يتفق مع تعاليمه، ولكنه في نفس الوقت كان ادعاءً خطيراً 30. لقد حدد القرآن علاقته بالتوراة والإنجيل حسب تلك الثورة التي انطلقت ببعثة محمد (ص) فهذا الادعاء الخطير بصحة نسب التوراة والإنجيل، ثم إعلان عدم مسئوليته عما أصابهما من تحريف له دلالات مستقبلية في وقتها وحاضره في وقتنا، وتعطى الإنسان على اختلاف دياناته نظرة عما سيحدث في المستقبل وذلك بانتظار هذا المستقبل، ولا يكون هذا الانتظار إلا لشخص حقيقي ومادي، حتى لا يفاجئ الناس بأي مدعٍ للمهدوية كما حدث في العصور الخالية، وكان من الحكمة الإلهية ألا يترك الناس بدون تحديد شخصية المهدي الذي سيظهر ليقود البشرية للخلاص، وذلك من علامات انتظار المستقبل 0 انتظار المستقبل إن الحديث عن المستقبل الغيبي في القرآن لا يعنى نفى انفراد الله سبحانه وتعالى بالغيب، وأصدق ما قيل في ذلك في جواب الإمام على (ع) لرجل قال له : لقد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب، فقال (ع) : " ليس هو بعلم غيب، وإنما هو علم من ذي علم، وإنما علم الغيب علم الساعة وما عدد الله سبحانه في قوله (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام " فيعلم سبحانه ما في الأرحام، قبيح أو جميل، وسعيد أم شقي، ومن يكون في النار حطما أو في الجنان مرافقا، فهذا علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، وما سوى ذلك فعلم علمه الله نبيه فعلمنيه ودعا لي بأن يعيه صدري وتضطم على جوانحي "31، وهو ما روى عن حذيفة بن اليمان قال : " قام فينا رسول الله (ص) مقاماً ما ترك شيئاً يكون في مقامه ذلك إلى يوم الساعة إلا حدث به، حفظه من حفظه ونسيه من نسيه " .
المستقبل والانتظار والوعد
ربط الله تعالى المستقبل بما يمكن تسميته بفلسفة الانتظار، وقبل الحديث عن هذه الفلسفة الانتظارية نورد بعض الآيات التي تتحدث عن الانتظار والوعد الإلهي لأولئك المنتظرين : " يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً قل انتظروا إنا منتظرون " 33. (ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا انى معكم من المنتظرين) 34. (فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين) 35 (وقل للذين لا يؤمنون اعملوا على مكانتكم إنا عاملون * وانتظروا إنا منتظرون * ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون) 36. (ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين، قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون، فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون "37. (فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شيد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا) 38 (فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا) 39. (وقلنا من بعده لبنى إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا) 40. (إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم آيات ربهم يخرون للأذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا) 41. (واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين) 42 (واقترب الوعد الحق فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا بل كنا ظالمين) 43.(وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئاً ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون) 44. (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) 45. تفاوتت آراء المفسرين في شرحهم لكلمة الوعد كل حسب رؤيته الفكرية والمدرسة السياسية التي ينتمي إليها هؤلاء ما بين مفسر للوعد بأنه يوم البعث والنشور أو مفسر لها بأن هذا الوعد يعنى تلك الفتوحات الواسعة التي حدثت في الصدر الأول للتاريخ الإسلامي إلا أن هذه المرحلة قد تميزت بالإضافة لهذه الفتوحات بمجموعة أخرى من الحوادث السلبية التي شوهت المزاج النفسي للمسلمين كافة وأدت حسب ما نعتقد إلى إطلاق مجموعة أخرى من الروايات التبريرية الاعتذارية46 والتي تحمل في ثناياها اعترافا ضمنيا بالواقع الأليم الذي عاشته الأمة؛ في الآيات هنا تتحدث عن انتظار معلق بوعد إلهي لابد أن يتحقق، بعضها يتحدث عن انتظار يوم القيامة، مثل الآية 158 من سورة الأنعام، أما الآيات الأخرى فإنها تتحدث عن شيء مستقبلي غير يوم القيامة، فيقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين، هنا يتحدى القرآن أولئك الحادين الكافرين عن أمر الله الذين طلبوا معجزة أو آية كونية يتحققون منها على صدق نبوته فيرد عليهم بأن الغيب عند الله وأنه سوف يعطيهم هذا المعجزة فيما بعد، في المستقبل لهم أو لأحفادهم أو لأمثالهم المنكرين لنبوة محمد، فقط عليهم الانتظار، قد تكون هذه المعجزة آية كونية، وقد تكون رجلاً مصلحاً، يقدم لهم هذه الدلالة الكونية عند يندلع الصراع بين الحق والباطل، الحق الذي يمثله النبي الأعظم وأمته، والباطل لدى أولئك اليهود ومعهم قوى الاستكبار العالمي، وبالتالي يمكن ربط آيات الانتظار بالوعد الإلهي للمستضعفين بوراثة الأرض، والوعد الإلهي للمسرفين والمستكبرين واليهود جميعاً " ثم صدقناهم الوعد فأنجبناهم ومن نشاء، وأهلكنا المسرفين "، هنا يدرك الذين أوتوا العلم من قبله أن الله منجز وعده فوعده مفعول في ديمومة إنسانية تستهدف انتظار من يبعثه الله ليصلح العالم من خلال حرب تدور رحاها بين كل قوى الإيمان مجتمعة، وقوى الاستكبار مجتمعة، وللدلالة على أن هذه الحرب قادمة أن الأديان السابقة تعيش على نبوءات توراتية تستهدف انتظار المخلص، فرغم علمية العقل الغربي، إلا أنه يعيش على أساطير فيها بعض ما تبقى من نبوءات تنتظر الملك النبي كما عند اليهود، والمسيح الموعود عند النصارى، وهى أفكار إذا خلصت من شوائبها إن المخلص لابد أن يكون من داخل دولة التوحيد، من فكرة ثورة الانتظار القرآنية، وأن يتجسد هذا المنتظر في شخص من أهل بيت النبي المصطفى (ص) وقد بشرت التوراة والإنجيل به عجل الله فرجه الشريف ؛ فهو الذي سيملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا ؛ والأرض هنا الكون بأسرة ؛ وهو ما يهم الإنسان في انتظاره ؛ الإنسان على اختلاف أديانه، خاصة المستضعفين من بني الإنسان.
المهدي عند أهل الكتاب والمستقبل
مما سبق يتضح وحدة المخلص في الأديان السماوية، بعد أن رأينا وجوده في الفكر السياسي الإنساني، ومن هنا نأتي بما يؤكد حقيقة أنه المهدي الموعود بالظهور بعد الانتظار، وهو محمد بن الحسن العسكري عليهما السلام، وهو المعود بالظهور، لأن الناس كما قلنا لابد أن يعرفوه، وقد جاء ذكره في كتب أهل الكتاب كما سنرى، ولقد كانت السياسة دوما هي التي تعمل جاهدة على إخفائه، سواء عند أهل الكتاب أو عند المسلمين أنفسهم، فلقد كان ملوك بني العباس ينتظرون ولادة الإمام الثاني عشر للقضاء عليه، ولذا أخفى والده الإمام الحسن العسكري ولادته عن الناس خوفاً عليه ولم يعلم به إلا الصفوة من أصحابه، وهذا ما يفسر لنا ما ورد في رؤيا يوحنا حيث قال : " والتنين وقف أمام المرأة العتيدة أن تلد حتى يبتلع ولدها متى ولدت "47. وشاء الله سبحانه أن يغيب وليه في أرضه (الإمام المهدي) عن أنظار الناس إلى وقت معلوم وساعة معلومة علمها عنده وحده (لا يجليها لوقتها إلا هو) وهذا ما عبرت عنه الرؤيا حيث جاء فيها : " فولدت ابناً ذكراً عتيداً أن يرعى جميع الأمم بعصا من جديد، واختطف ولدها إلى الله وإلى عرشه "48. وهكذا فإن غيبة الإمام المهدي (ع) قدر من الله تعالى فمهما طالت غيبته فهو في حماية الله وتحت ظل عرشه حتى يأذن له بالخروج وحمل راية الحق في مقابل تجمع الكفر العالمي تحت راية المسيح الدجال الذي نشهد تحركه في أيامنا هذه49. وليس بعزيز على الله تعالى أن يُبقى وليه في أرضه حياً مخفياً عن أنظار الناس مدة طويلة من الزمن لا يعلمها إلا هو حتى يحين الوقت المعلوم فيبعثه ليمحق به الكفر والضلال ويقيم به دولة الحق والعدل فـ " إن المسيح الدجال شر مخبوء، ومن عدل الله تعالى أن يضع أمام الشر المخبوء خيراً مخبوءاً "50. والشر المخبوء سيعمل جاهداً على إرساء قواعد الظلم التي تستقر عليها إلوهية العبيد، ومن يدعى الإلوهية لا يدعيها إلا على أقوام طحنها الظلم، وطحنتها الأهواء، والخير المخبوء سيعمل على تصفية كل مؤسسات الباطل وأجهزته التي هي مؤسسات وأجهزة الظلم والجور، ليضع أعلامه ويبسط أجهزته وبذلك تملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً ". إن المهدي حق، لأن الدعوة إلى الله قبل الانقلاب الكوني الأخير ستكون على أرض بها المسيح الدجال، وخروج المسيح الدجال يعنى إغلاق باب التوبة فلا ينفع نفساً إيمانها إن لم تكن آمنت من قبل، والله أدرى بعبيده قبل أن يُغلق باب التوبة، والله أدرى بمن يرشدهم ويدعوهم إليه في أرض بها من يدعى ظلماً وكفراً وتجبراً أنه إله يعبد من دون الله ! ان التصدر للدعوة قبل إغلاق باب التوبة لابد له من مهدي ولنتدبر قوله تعالى : " ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين ؟ قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم يُنظرون، فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون " 51. فهذه الآيات تحدثت عن يوم فتح ! فيه لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ! وطالب تعالى رسوله بأن ينتظر وأخبره بأن أهل الكفر منتظرون ! هكذا ذكرت الآيات الكريمة العلاقات ! فما هو يوم الفتح هذا ؟ ان العاقل لا يقول بأنه كان في الماضي، لأنه لو قال بهذا لكان الذين دخلوا في الإسلام من بعده، لم ينفعهم الإيمان وبالتالي لم يقبل منهم الإسلام !. وقال ابن كثير في تفسيره لآية الفتح : " من زعم أن المراد من هذا الفتح فتح مكة فقد أبعد النجعة وأخطأ فأفحش.. وإنما المراد الفتح الذي هو القضاء والفصل " فمتى يكون يوم الفتح ؟ ولتحديد هذا اليوم لابد أن نبحث في العلامات التي تُغلق فيها أبواب التوبة، وهى التي قال فيها تعالى : " يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً " 52. وهذه الآيات قال عنها النبي صلى الله عليه وآله وسلم " ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً، طلوع الشمس من مغربها، المسيح الدجال، دابة الأرض".53 أما عن طلوع الشمس وخروج الدابة فلم ترد أحاديث تبين ان للمسلمين معارك عالمية عندهما إنما المعارك والفتح سيكونان في علامة المسيح الدجال " 54. ويظهر من المصادر الإسلامية ومما ورد في كتب اليهود والنصارى من تفسير لهذه الرؤيا أن المسيح الدجال سيكون آخر عدو لله يقضى عليه الإمام المهدي (ع) ؛ وقد جاء في مصادر أهل الكتاب أن المسيح الدجال سيكون الرئيس العالمي لليهود والمسيحيين المرتدين55؛ ويبدي المسيحيون له ولاء مطلقا 56؛ وسيقولون : هذا هو حقا المسيح الذي انتظرناه57، وروي عن رسول الله في توقيت خروج الدجال : بين الملحمة وفتح المدينة ست سنين ويخرج المسيح الدجال في السابعة 58، واتفق أهل الكتب على توقيت ظهوره بعد فتح المدينة الواقعة على البحر؛ فقد قال ويسلي : بعد سقوط المدينة سرعان ما يظهر الدجال وسرعان ما يسقط ويهلك 59 وقد روى أن رسول الله (ص) قال عن هذه المدينة، التي ستكون عنوان الفتح المظفر في زمن الإمام المهدي (ع)، أن جانباً منها في البر وجانباً في البحر، أي أنها تقع على شاطئ البحر ثم قال بأن جنود المهدي (ع) يفتتحوها بنداء لا إله إلا الله والله أكبر فإذا قالوا : " لا إله إلا الله والله أكبر " فيسقط أحد جانبيها الذي فيها ثم يقولون الثانية، لا إله إلا الله والله أكبر، فيسقط جانبها الآخر ثم يقولون الثالثة لا إله إلا الله والله أكبر، فيفرج لهم فيغنموا فبينما هم يقتسمون المغانم إذا جاءهم الصريخ أن المسيح الدجال قد خرج فيتركون كل شيء ويرجعون"60. وسمعت صوتاً عظيماً قائلاً في السماء : اليوم هو يوم الخلاص، القوة والملك لله ربنا وسلطانه لمسيحه " 61. لقد عبر نبي الله أرميا عن هذا اليوم حيث قال : " فهذا اليوم للسيد رب الجنود يوم نقمته للانتقام من مبغضيه " 62. ويوم الخلاص هذا أو يوم النقمة والانتقام من أعداء الله ومبغضيه على يد ولى الله فى أرضه الإمام المهدي المنتظر هو ما يعرف في المصادر الإسلامية بـ " الملحمة الكبرى " وفى الإنجيل الذي بين أيدي الناس اليوم باسم " معصرة غضب الله العظمى يوم الله القادر على كل شيء" 63، ويعرف عند اليهود في العهد القديم باسم " الخربة الأبدية " 64، وهى المعركة الفاصلة الكبرى بين قوى الخير والإيمان بقيادة الإمام المهدي المنتظر (ع) من جهة وقوى الكفر والضلال في العالم من جهة أخرى، وسيكون النصر الساحق والمؤزر من نصيب الإمام المهدي المنتظر (ع) في هذه المعركة التي لم ولن يعرف لها مثيل في تاريخ البشرية في الشدة والعنف، فقد روى عن رسول الله (ص) القول : " لا يرى مثلها.. " أو لم ير مثلها" 65. وقال عيسى (ع) : " لم يحدث مثلها منذ بدء العالم إلى الآن ولن يحدث"66. وبما يخص تلك الصيحة العظيمة التي تسمع في السماء إعلاماً بخروج الإمام المهدي (ع)، فقد روى الصدوق عن الإمام محمد الباقر (ع) أنه قال : " ومن علامات خروجه (أي الإمام المهدي) عليه السلام خمس علامات، وعد منها : وصيحة من السماء في شهر رمضان " 67. وعن الإمام الصادق (ع) انه قال : " الصيحة لا تكون إلا في شهر رمضان شهر الله _ وهى صيحة جبرائيل - إلى هذا الخلق "68. وقبل حدوث هذه المعركة الفاصلة التي لا مثيل لها في التاريخ ستحدث معارك بين الإمام المهدي (ع) وطغاة المنطقة وخصوصاً ذلك المعروف بالسفيانى الذي سيرسل قوة عسكرية قوية للقضاء على حركة الإمام المهدي التي بدأها في مكة المكرمة، ولكن يُقضى على جيش السفيانى هذا وتُخسف به الأرض قبل تحقيق هدفه بالوصول إلى مكة، وهذا هو تفسير ما ورد في رؤيا حنا حيث قال : " فألقت الحية من فمها وراء المرأة ماءً كنهر لتجعلها تُحمل بالنهر فأعانت الأرض المرأة، وفتحت فمها وابتلعت النهر الذي ألقاه التنين من فمه "69. فالحية هي التنين رمز للطاغوت الذي سيحاول القضاء على حركة الإمام المهدي (ع) في بدايتها، وهذا الطاغوت هو طاغوت محلى مدعوم من الغرب الصليبي والصهيونية العالمية وذلك لوقف حركة الإمام المهدي المنتظر (ع) والقضاء عليها، وسيُعرف هذا الطاغوت المحلى باسم " السفيانى " كما ورد في الكثير من الروايات. وقد تم التعبير عن الجيش الذي سيرسله السفيانى إلى مكة للقضاء على قيام الإمام المهدي (ع) بالنهر نظراً لقوته وسرعة حركته، ولكن ما ان يصل إلى أرض الحجاز بين المدينة ومكة حتى تخسف به الأرض وتبتلعه كما جاء فى الكثير من روايات أهل البيت المعتبرة 70 وأيضاً ما ورد في كتب أهل السنة71. ويبدو أنه بعد أن يتم القضاء بعد أن يتم القضاء على السفيانى ستغضب مراكز القوى الاستكبارية الصليبية والصهيونية في العالم ويجمعون قواهم للقضاء على القوة المؤمنة الصاعدة بقيادة الإمام المهدي المنتظر (ع) وهذا ما عبر عنه صاحب الرؤية قائلا : " فغضب التنين على المرأة وذهب ليصنع حربا مع باقي نسلها الذين يحفظون وصايا الله وعندهم شهادة يسوع المسيح72؛ والمرأة هنا هي فاطمة الزهراء بنت رسول الله محمد (ص) _ والأئمة الأطهار من نسلها هم الذين يحفظون وصايا الله تعالى وهم المكلفون بهداية الناس وحفظ دينه الحنيف من تحريف المحرفين وتأويل المتأولين ، ولذا فالمتمسك بولايتهم ومنهجهم ناج والمتخلف عنهم هالك. فهم أئمة الفرقة الناجية وأدرى الناس بكتاب الله وسنة رسوله. كما أن عبارة " نسلها (أي نسل فاطمة) الذين يحفظون وصايا الله " تفسر لنا حديث الثقلين والذي يدعوا المسلمين فيه إلى التمسك بكتاب الله وآل بيت رسول الله حيث سماهم الثقلين في قوله " أنى تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتى أهل بيتي وأنهما لن يفترقا حتى يردا علىّ الحوض...." 73. أما معنى العبارة الأخيرة الواردة في الرؤيا والتي تقول :" وعندهم شهادة يسوع المسيح " فهذا مما لاشك فيه فإن عيسى المسيح (ع) قد بشر بالإمام المهدي المنتظر (ع) وأيضا ما ورد في الكثير من الروايات حول نزول عيسى بن مريم (ع) آخر الزمان74 حيث سيصلى خلف الإمام المهدي)(ع) ويشهد له بأنه ولى الله في أرضه وسيكون الساعد الأيمن في حروبه مع القوى الصليبية في العالم. ويقال بأنه سيكسر الصليب بيديه الشريفتين.ولذا فإن مهمة عيسى المسيح (ع) عند نزوله ستكون الشهادة للإمام المهدي المنتظر (ع) بأنه ولى الله في أرضه وحجته على خلقه وسيعمل جاهدا من اجل إقناع العالم الغربي الصليبي بوجوب إتباعه والإيمان بما يدعوهم إليه، فإن أبوا إلا العناد والخلاف فإنه سيقف إلى جانب الإمام المهدي في حربه ضدهم. ولإتمام الفائدة لابد لنا 75 من أن نذكر هنا ما ورد في الرؤيا التاسعة عشر من سفر الرؤيا ، حيث تحدث فيها عن عظمة ذلك القادر المنتصر الملقب بالأمين الصادق والمعين من الله تعالى من قبله للقضاء على أعدائه في حرب لم يشهد لها التاريخ مثيلا ؛ فقد جاء على لسان القديس يوحنا في رؤياه التاسعة عشر ما نصه : " ثم رأيت السماء مفتوحة وإذا فرس ابيض والجالس عليه يدعى أمينا وصادقا وبالعدل يحكم ويحارب ؛ وعيناه كلهيب نار وعلى رأسه تيجان كثيرة وله اسم مكتوب ليس يعرفه احد إلا هو ؛ متسربل بثوب مغموس بدم ويدعى اسمه كلمة الله ؛ والأجناد الذين في السماء كانوا يتتبعونه على خيل ابيض لابسين بزا ابيض ونقيا ؛ ومن فمه يخرج سيف ماض لكي يضرب به الأمم وهو سيرعاهم بعصا من حديد وهو يدوس معصرة خمر وغضب الله القادر على كل شيء ؛ وله على ثوبه وعلى فخذه اسم مكتوب ملك الملوك ورب الأرباب ؛ ورأيت ملاكا واحدا واقفا في الشمس فصرخ بصوت عظيم قائلا لجميع الطيور الطائرة في وسط السماء اجتمعي إلى عشاء الإله العظيم لكي تأكلي لحوم ملوك ولحوم قواد ولحوم أقوياء ولحوم خيل والجالسين عليها ولحوم الكل حرا وعبدا صغيرا وكبيرا ؛ ورأيت الوحش وملوك الأرض وأجنادهم مجتمعين ليضعوا حربا مع الجالس على الفرس ومع جنده فقبض على الوحش والنبي الكذاب معه الصانع قدامه الآيات التي أضل بها الذين قبلوا سمة الوحش والذين سجدوا لصورته وطرح الاثنان حيين إلى بحيرة النار المتقدة بالكبريت ؛ والباقون قتلوا بسيف الجالس على الفرس من الخارج من فمه وجميع طيوره شبعت من لحومهم 76. يرسم لنا صاحب هذه الرؤيا صورة حية عن معالم معركة حربية ضارية تشكل بحد ذاتها ملحمة حرب عالمية لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية. ولكنها لن تدور هذه المرة فقط فيما بين القوى الاستكبارية العالمية الطامعة في السيطرة على العالم كما حدث ذلك في الحربين العالميتين الأولى والثانية ؛ بل ستدور بين قطبين لا ثالث لهما مختلفين كل الاختلاف في الأهداف والعقائد. أما القطب الأول فستشمله قوى الكفر والضلال في العالم مجتمعه تحت زعامة طاغوت جبار تم الرمز إليه في هذه الرؤيا بـ " الوحش " وسيكون إلى جانبه شخصية متلبسة بلباس الدين وهى كاذبة، ولذا تم التعبير عنها في هذه الرؤيا بـ " النبي الكذاب ". وأما القطب الآخر في هذه المعركة فسيتشكل من القوى المؤمنة بالله تعالى والمخلصة له، يقودها ولى لله في أرضه الذي هيأه للقيام بمهمة القضاء على قوى الكفر والضلال في العالم، ونشر راية التوحيد والعدل في أرض الله، وهذا هو التبشير الإلهي بانتظار الفرج والدعاء إليه بتعجيله بعد أن عم البلاء وزاد الشقاء. وربما يقول قائل كيف يكون المهدي قادراً على نشر العدل في الأرض، ولم يستطع الرسول نفسه من نشر التوحيد في العالم، وهو سؤال دائماً ما يواجهه المؤمنون بعودة القائم، والرد عليه أن من ضمن معجزات الرسول الأعظم هو موجود المهدي من أمته ومن نسله، لأن رسالة السماء ختمت لأهل الأرض، ولابد من وجود محاولات صادقة لتمييز هذا الدين وثورته، مع التأكيد على أن المسلمين رغم ابتعادهم عن منهج النبوة وفساد ملوكهم وأخلاقهم ظلوا دوماً أكثر الأمم بعدا من تجسيد الإله، أو تصويره أو تخيله، فهو ليس كمثله شيء، وهو الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولد والذي لم يكن له ولى من الذل، ظل المسلمون حتى اليوم رغم ضعفهم وتشتتهم وفسادهم يعدون أنقى البشر في توحيد الله، وهذا من ضمن أسباب هجوم الغرب عليه بفكره المسيحي / الصهيوني، وعلينا القول إن الشعوب الغربية فيها من المخلصين للعدالة والحرية وكرامة الإنسان، ومن يرفضون الاستعباد والاستكبار، ولكن صانعي القرارات لديهم هم الذين يقبلون عامة الشعوب ليعطوهم أصواتهم، وصانعو هذه القرارات يأتون من العقيدة الأصولية التي تتخذ من منهج احتكار الحق وفرض الاستلاب سياسة دائمة لا تنفك تعمل على توسيع مجابهاتها مع دول العالم. خلاصة البحث مما سبق نرى أن وجود المخلص حقيقي في الأديان السماوية، وحقيقي في الفكر السياسي، وحقيقي في الضمير الإنساني، وقد حاولت السلطات الدينية والسياسية حجب حقيقته وحجب هويته من أجل بقاء الظلم والاستبداد، ومن أجل ترسيخ مقولات ليس فيها نصيب من الحقيقة مثل تميز جنس عن جنس، ومن ثم التبشير بما لديه من أفكار لا تخدم البشرية بمقدار ما تفرق بين البشر على أسس وضعيه، وقد رأينا ذلك في دعوات توحيد الجنس البشري خلف العولمة أو الحرية أو الديمقراطية أو حقوق الإنسان، وكلها دعوات حق يراد بها باطل، وصدق الله العظيم " قل إن ربى يقذف بالحق علام الغيوب، قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد "77.
مراجع البحث
1_ ناهده محمد زبول ـ عقيدة انتظار المهدي في الفكر السياسي الإسلامي المعاصر .
2_ نفسه
3_ نفسه
4_ نفسه
5_ نفسه
6_ نفسه
7_ عبدالغنى النابلسي _ اللؤلؤ المكنون في حكم الإخبار عما سيكون _ تحقيق عاطف وفدى _ مكتبة الرحمة المهداة _ المنصورة _ مصر _ 2004 _ ص7.
8 _ سورة الزلزلة / 7.
9 _ سورة النحل 89.
10 _ سورة النمل / 90.
11 _ سورة النازعات / 34 _ 35.
12 _ سورة التوبة / 50.
13 _ سورة يوسف / 55
14 _ سورة يوسف / 102.
15 _ سورة آل عمران /44
16 _ سورة النمل / 69
17 _ سورة غافر / 82 ؛ وتكررت في مقدمة آيات أخرى
18 _ سورة الطارق / 5
19 _ سورة عبس / 24
20 _ سورة الواقعة / 68
21 _ سورة الواقعة / 71
22 _ محمدرضا المظفر ـ عقائد الإمامية _ منشورات مؤسسة الإمام الخوئي ـ لندن ـ 2000 _ ص95.
23_ محمد جلال كشك _ خواطر مسلم _ البيت الحديث للنشر ـ القاهرة ـ 1986 _ ص35.
24_ بالحساب التوراتي ظهر الإنسان _ عام 3762 ق.م _ نفسه.
25 _ خواطر مسلم_ 66
26_ نفسه.
27 _ نفسه.
28 _ سورة النساء / 46
29 _ سورة البقرة / 75
30 _ خواطر مسام _ ص 103
31 _ نهج البلاغة _ ج1 _ ص11.
32_ صحيح مسلم _ 8/89.
33 _ سورة البقرة / 158
34 _ سورة يونس / 20
35 _ سورة يونس / 102
36 _ سورة هود / 121 _ 123
37 _ سورة السجدة / 30
38 _ سورة الإسراء / 5
39 _ سورة الإسراء / 7
40 _ سورة الإسراء / 104
41 _ سورة الإسراء / 108
42 _ سورة الأنبياء / 9
43 _ سورة الأنبياء / 97
44 _ سورة النور / 55
45 _ سورة الأنبياء / 105
46_ علي أبوالخير ـ ثورة الكلمة المقدسة ـ مكتبة الرحمة المهداة ـ المنصورة ـ مصر ـ 2006 ـ ص 137
47_ سفر الرؤيا 12/4
48_ الرؤيا 12/5
49_ بشائر الأسفار _ مصدر سابق _ ص249.
50_ المصدر السابق
51_ سورة السجدة 28_ 30.
52_ سورة الأنعام 158.
53_ رواه الترمذي
54_ بشائر الأسفار _ ص 251.
55_ عقيدة المسيح الدجال ص283، نقلاً عن بشائر الأسفار.
56_ المصدر السابق ص283، نقلاً عن تفسير سفر دانيال / إيرنسايد 131 ؛ بشائر الأسفار
57_ المصدر السابق 283، عن تفسير سفر دانيال / إيرنسايد 134.
58_ أبو داوود ج4/111، المدينة هنا هي غير " المدينة المنورة " ؛ بشائر الأسفار
59_ عقيدة الدجال 282، عن تفسير الرؤيا / ويسلى 113 ؛ بشائر الأسفار
60 _ صحيح مسلم / ج18 / ص 43
61_ إن كلمة " مسيح " لا تطلق عند أهل الكتاب على الأنبياء فقط بل قد تطلق على ملك أو كاهن (انظر سفر اللاويين 4:3) وهذا اللقب قد يطلقونه على ملك أجنبي كما أطلقوه على الملك الفارسي كورش : هكذا يقول الرب لمسيحه لكورش الذي أمسكت بيمينه لأدوس أمامه أمما " (أشعياء 45 : 1) من بشائر الأسفار إذاً كلمة " مسيحه في هذه الرؤيا لا تعنى عيسى المسيح (ع) بل من الأكيد أنها تعنى المهدي المنتظر.
62_ سفر أرميا 46/10.
63_ الرؤيا 14/19 والرؤيا 19/15.
64_ أرميا 25/9.
65_ رواه مسلم ج2/25.
66_ إنجيل متى 24/21.
67_ بشائر الأسفار نقلاً عن ما بعد الظهور / محمد الصدر.
68_ المصدر السابق، ص 169.
69_ رؤيا 12/15 _ 16.
70_ راجع مستدرك الحاكم ج 4/29 والبحار ج 52/186_ بشائر الأسفار.
71_ انظر كتاب " القول المختصر في علامات المهدي المنتظر " لأبى العباس أحمد بن محمد ابن حجر المكي الهيثمى ص49 من وبشائر الأسفار.
72_ رؤيا 12/17.
73 _ الحديث مشهور جدا ومتواتر في كتب أهل السنة والشيعة على السواء
74_ روى العلامة المجلسى في البحار ج52 ص283 في صحيحة في باب : " نزول عيسى عليه السلام ج2 ص256 " أن رسول الله (ص) قال : كيف بكم أو أنتم إذا نزل عيسى بن مريم فيكم وإمامكم منكم "_ وبشائر الأسفار _ ص 259.
75_ بشائر الأسفار _ ص260.
76_ رؤيا / 11_13
77_ سورة سبأ 48 _ 49